* قال السيد محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الفاسي الإدريسي الحسني (ت1382ه): الإمام، فخر المتأخرين، علم أعلام الدين، خاتمة الحافظ، هذا الرجل كان نادرة من نوادر الإسلام في القرون الأخيرة حفظا، واطلاعا، ومشاركة، وكثرة تآليف. (¬2) 6 - مؤلفاته والعلوم التي برع فيها:
قال السيوطي: شرعت في التصنيف في سنة 866ه ست وستين وثمانمائة، فكان أول شيء ألفته الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظا، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى ما غسلته ورجعت عنه، ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع؛ على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذي أعتقده أن الذي وصلت إليه من هذه العلوم السبعة سوى الفقه والنقول التي اطلعت عليها فيها، لم يصل إليه ولا وقف عليه أحد من أشياخي؛ فضلا عمن هو دونهم، وأما الفقه فلا أقول ذلك فيه؛ بل شيخي فيه أوسع نظرا، وأطول باعا؛ ودون هذه السبعة في المعرفة: أصول الفقه والجدل والتصريف، ودونها الإنشاء والتوسل والفرائض، ودونها القراءآت، ولم آخذها عن شيخ، ودونها الطب، وأما علم الحساب فهو أعسر شيء علي وأبعده عن ذهني؛ وإذا نظرت في مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله. (¬1)
وقد كملت عندي آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى لا فخرا، وأي شيء في الدنيا حتى يطلب تحصيلها بالفخر، وقد أزف الرحيل، وبدأ الشيب، وذهب أطيب العمر! ولو شئت أن أكتب في كل مسألة مصنفا بأقوالها وأدلتها النقلية والقياسية، ومداركها ونقوصها وأجوبتها، والموازنة بين اختلاف المذاهب فيها لقدرت على ذلك من فضل الله، لا بحولي ولا بقوتي، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. (¬2)
قال الداوودي (ت945ه) في ترجمة شيخه السيوطي: عاينت الشيخ وقد كتب في يوم واحد ثلاثة كراريس تأليفا وتحريرا، وكان مع ذلك يملي الحديث، ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة، ولما بلغ أربعين سنة من عمره أخذ في التجرد للعبادة والإنقطاع إلى الله تعالى، والإشتغال به صرفا، والإعراض عن الدنيا وأهلها كأنه لم يعرف أحدا منهم، وشرع في تحرير مؤلفاته، وترك الإفتاء والتدريس. (¬3)
قال العيدروس (ت1038ه): وصلت مصنفاته نحو الستمائة مصنفا سوى ما رجع عنه وغسله منها صغيرة، وبعضها في كراس وكراسين. (¬4)
صفحة ٢٦