روى الغزالي «2» رحمه الله عن رجل من آل عاصم الجحدرى قال رأيت عاصما في منامي بعد موته بسنتين فقلت ألست مت قال بلى قلت فاين انت قال انا والله فى روضة من رياض الجنة انا ونفر من اصحابي نجتمع كل ليلة وصبيحتها الى بكر بن (ورق 10) عبد الله المزني «3» فنتلقي اخباركم، قلت اجسامكم او ارواحكم قال هيهات بليت الأجسام وانما تتلاقى الأرواح، قلت فهل تعلمون بزيارتنا اياكم قال نعم نعلم بها عشية الجمعة ويوم الجمعة كله ويوم السبت الى طلوع الشمس، قلت وكيف «4» ذلك دون الأيام كلها قال لفضل يوم الجمعة،* وروى صاحب كتاب مقابر بغداد باسناده عن القطيعى قال لما توفيت ام ولدى رأيتها فى النوم فقلت الى ما صرت فقالت «5» الى كل خير في كل ليلة جمعة تنزل على احمد «6» رحمة تعمنا وذكر انه دفنها فى مقبرة احمد بن حنبل رحمة الله عليه «1» ووروى ابن القيم «2» رحمة الله عليه فى كتاب الروح عن جبير القصاب «3» قال كنت اغدو مع محمد بن واسع «4» فى كل غداة سبت حتى نأتى الجبان فنقف على القبور فنسلم عليهم وندعو لهم ثم ننصرف فقلت ذات يوم لو صيرت هذا اليوم يوم الاثنين قال بلغني ان الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبلها ويوما (ورق 10 ب) بعدها، وروى عن الضحاك انه قال من زار قبرا يوم السبت قبل طلوع الشمس علم الميت بزيارته، وقد افتى فقهاء الاسلام ان لقبر الميت حرمة كحرمة صاحبه فلولا ان للميت شعورا بحال من يقصده لم يكن لتعظيم القبر فائدة. روى احمد بن حنبل عن عمرو بن حزم «5» قال رآني رسول الله صلي الله عليه وسلم متكئا على قبر فقال لا تؤذ صاحب هذا القبر او لا تؤذه «6». وروى مسلم عن ابى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يجلس احدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص الى جلده خير من أن يجلس على قبر «7». وروى ايضا عن ابي مرثد الغنوي «8» قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها «1». وروى مالك وابو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كسر عظم الميت ككسره حيا. وروى الغزالي «2» عن ابي قلابة الجرمى «3» قال اقبلت (ورق 11) من الشام الي البصرة فنزلت الخندق فتطهرت وصليت ركعتين بليل ثم وضعت رأسي على قبر ثم انتبهت فاذا صاحب القبر يشتكي ويقول لقد آذيتني منذ الليلة ثم قال انكم تقدرون ولا تعلمون ونحن نعلم ولا نقدر علي العمل ثم قال الركعتان اللتان صليتهما خير من الدنيا وما فيها. قال المؤلف وسمعت الحاج ركن الدين الصفار المحدث المجاور بالحرم الشريف رحمة الله عليه قال رأيت في بعض الكتب ان امرأة توفيت بأرض الحجاز فاحضرت غسالة لتغسلها فجئ بها الى المغتسل فلما خلعت الثياب عنها ضربت الغاسلة كفها على فخذى الميتة وقالت ما ازناها وكأنه كانت بينها معرفة فما تم قولها ان التصقت كفها على فخذها فلم تستطع أن ترفعها فجهدوا في تخليصها وانتزاعها فلم يقدروا عليها فرفعوا الأمر الى عبد الملك بن مروان وكان في ايامه (ورق 11 ب) فقال اتستفتوننى وفيكم مالك بن انس «4» فاستفتوا مالكا رحمة الله عليه فقال لعل هذه الغاسلة قذفتها بشئ اجلدوها حد القذف ثمانين «5» فجلدوها تسعة وسبعين وكانت على ذلك حتى اتموالها الحد ثمانين فارتفعت يدها. وحكى ان بعض الغسالين اهمل ادبا من الآداب في غسل بعض الصالحين فرفع الميت يده ولطمه لطمة شديدة وقال احضر شأنك فان رسل الرب ينتظرونني. وعن بعض اولياء الله تعالي انه كان على المغتسل فلما غسله الغاسل اهمل في وضوئه تخليل لحيته فأخذ الميت يده وادخلها تحت حنكه وخلل لحيته. قال المؤلف ورأيت بعض احبابي بعد الموت قد رفع سبابته مشيرا الى الشهادة وكان رجلا خامل الذكر يحضر الجماعات ومجالس الذكر يصحبنا مدة طويلة فلما رفع الي المغتسل رأيناه قابضا على ابهامه ووسطاه واصابعه الا السبابة (ورق 12) فانها كانت مرفوعة ناصبة فأردنا ان نحلها فلم نقدر على حلها. ويصدق هذا ما نقل فى الكتب ان الشبلى رحمة الله عليه لما ارادوا غسله وجدوه علي هذه الهيئة فأرادوا ان يحلوها فهتف هانف هذا عقد عقد بمحبتنا فلا يحل الا بحضرتنا. وروى الامام اليافعى رحمة الله عليه عن بعضهم قال غسلت مريدا فأمسك ابهامي وهو على المغتسل فقلت يا بنى خل يدى فانى ادرى انك لست بميت وانما هي نقلة فخلى يدى «1»، قال واخبرتنى غاسلة وكانت من الصالحات انها كانت تقص اظفار بعضهن بعد غسلها فحافت «2» عليها في بعض اظفارها فجذبت الميتة اظفارها «3». وقال ابن الجلا «4» 2 لما مات ابى ضحك على المغتسل فلم يجترئ احد ان يغسله وقالوا انه حى حتى جاء بعض اقرانه فغسله «5»، وعن بعضهم قال رأيت ابا تراب النخشبى رحمه الله ميتا في البادية قائما (ورق 12 ب) منتصبا مستقبل القبلة لا يمسكه شئ فأردت ان احمله واواريه فى التراب فلم اقدر علي حمله فسمعت هاتفا يقول يا عبد الله دع ولى الله مع الله. وروى الحافظ اسماعيل «1» عن محمد بن العباس «2» [قال] جزت علي ابي محمد الجريري «3» في سنة الهبير «4» وهو ميت بعد سنة فاذا هو جالس مستند مشير باصبعه للتوحيد «5» وروى عن بعضهم انه لما مات نظروا اليه وهو يضحك فقال الطبيب انه حى ثم جسه فقال انه ميت ثم كشف عن وجهه وقال لا ادرى أهو حي ام ميت. وقيل فتح عبد الله بن المبارك عينيه بعد موته وقال لمثل هذا فليعمل العاملون. وروى اليافعى «1» رحمة الله عليه عن محمود الوراق قال كان رجل اسود يقال له مبارك يعمل فى المباح ولا يتزوج وكان كلما نقول له الا تتزوج يا مبارك يقول اسأل الله أن يزوجني (ورق 13) من الحور العين فغزونا بعض المغازى وكان معنا فخرج علينا العدو فقتل مبارك ثم مررنا به ورأسه في ناحية وبدنه في ناحية وهو منكب على بطنه ويداه تحت صدره فوقفنا عليه وقلنا يا مبارك كم قد زوجك الله من الحور العين فأخرج يده من تحت صدره واشار الينا بثلاث اصابع يعني ثلاثا. وروى الحافظ ابو نعيم في كتاب حلية الاولياء «2» عن ربعى بن حراش «3» العبسي قال كنا اربعة اخوة وكان الربيع اخونا اكثرنا صلاة واكثرنا صياما في الهواجر وانه توفي فبينا نحن حوله وقد بعثنا من يبتاع له كفنا اذ كشف الثوب عن وجهه فقال السلام عليكم فقال القوم وعليك السلام يا اخا عبس ابعد الموت قال نعم اني لقيت ربي عز وجل بعدكم فلقيت ربا غير غضبان فاستقبلني بروح وريحان واستبرق الا وان ابا القاسم صلي الله عليه وسلم ينتظر الصلاة على (ورق 13 ب) فعجلوني ولا تؤخروني ثم كان بمنزلة حصاة رمي بها في طست، فنمي الحديث الي عائشة رضي الله عنها فقالت اما اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول يتكلم رجل من امتي بعد الموت. وعن ابى سعيد الخراز «1» قال كنت بمكة فمررت يوما بباب بنى شيبة فرأيت شابا حسن الوجه ميتا فنظرت اليه فتبسم فى وجهى وقال يا ابا سعيد اما علمت ان الأحباب أحياء وان ماتوا «2». وقال ابو يعقوب السوسي «3» جاءنى مريد بمكة فقال يا استاذ انا غدا اموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فاحفر لى بنصفه وكفنى بنصفه فلما كان الغد وقت الظهر جاء فطاف حول البيت ثم تباعد ومات فغسلته وكفنته ووضعته فى اللحد ففتح عينيه فقلت أحياة بعد الموت فقال أنا حى وكل محب لله حى «4». وعن ابى الحسين النورى «5» قال كنا فى بعض (ورق 14) سفر فتلقانا شاب فقال اربد مكانا نظيفا وماء طهورا فقلت وما تصنع بالمكان النظيف والماء الطهور فقال اريد أن اغتسل واصلي واسلم روحى فقلت ومن اين تقدر على تسليم الروح وما علمك بوفاتك قال يا شيخ قد استنشقت نسائم الوصال واشتقت الى رؤية ذى الجلال فقلت وراء هذه الأكمة عين ماء ومكان طيب قال فمشى الشاب وتبعناه بعد ساعة فرأيناه وقد اغتسل وصلى ومات فى السجود فرفعته عن التراب وقبلت بين عينيه وقلت يا رب شاب غريب منفرد عن أحبابه واترابه فارحم غربته وآنس وحشته فضحك الشاب فى وجهى وقال أتذلنى وأنا عزيز عند الله تعالى فقلت يا حبيبى أحياة بعد الموت قال ان اولياء الله تعالى لا يموتون ولكن ينقلون من دار الى دار. وعن الشيخ ابى على (ورق 14 ب) الروذبارى 3 انه ورد عليه جماعة من الفقراء فمرض احد منهم مرضا شديدا فمل اصحابه عن خدمته فحلف الشيخ ان يتولى خدمته بنفسه ولا يتركه الى احد فخدمه اياما ثم مات الفقير فغسله بيده وكفنه وصلى عليه ودفنه فلما اراد ان يفتح رأس كفنه فى اللحد رآه وعيناه مفتوحتان اليه فقال له يا ابا على لأقصرنك بجاهى عند الله يوم القيامة «1». وعن الشيخ نجم الدين الأصبهانى رحمة الله عليه 4 انه حضر دفن بعض الصالحين فلما ارادوا ان يلقنوه قال الشيخ أتسمعون ما اسمع قالوا لا قال انه يقول عجبا لميت «*» يلقن حيا «2». وعن ابى اسحق الفزارى «3» قال كان رجل يكثر الجلوس الينا ونصف وجهه مغطى فقلت له انك تكثر الجلوس الينا وانت على هذه الهيئة فاطلعنى على حالك قال وتعطينى الأمان قلت نعم قال (ورق 15) انى كنت نباشا فدفنت امرأة فاتيت قبرها فنبشت حتى وصلت الى اللبن فرفعت اللبن ثم ضربت بيدى الى الرداء فجذبتها ثم مددت يدى الى الأزار فاذا المرأة تمدها فجعلت امدها وتمدها هى فقلت أتراها تغلبنى فجثيت على ركبتى فجررت اللفافة فرفعت يدها فلطمتنى على وجهى، ثم كشف عن وجهه فاذا اثر خمس اصابع فى وجهه فقلت له ثم مه قال ثم رددت عليها لفافتها وازارها ورددت عليها التراب وآليت على نفسى ان لا انبش ما عشت «1». وروى ابو القاسم الطبرى «2» باسناده عن عطاء قال استقضى رجل من بنى اسرائيل اربعين سنة فلما حضرته الوفاة قال انى أرانى هالكا فى مرضى هذا فاذا مت فاحبسونى عندكم اربعة ايام او خمسة ايام فان رابكم منى [شئ] فلينادنى رجل منكم فلما قضى له «3» جعل فى تابوت ووضعوه فى جانب من البيت فلما كان ثلاثة ايام اذا هم بريح فناداه رجل (ورق 15 ب) منهم يا فلان ما هذه الريح فقال انى وليت القضاء فيكم اربعين سنة فما رابنى شئ الا رجلان اتيانى فكان لى فى احدهما هوى فكنت اسمع منه باذنى التى تليه اكثر مما اسمع بالأخرى فهذه الريح منها. وروى الأمام اليافعى فى كتابه المسمى روض الرياحين فى حكايات الصالحين ان بعض الحفارين كان يحفر قبرا فأشرف على انسان جالس على سرير وبيده مصحف يقرأ فيه قال وتحته أنهار تجرى فغشى عليه وأخرجوه من القبر ولم يدرو اما اصابه ثم افاق فى اليوم الثانى او الثالث فأخبرهم بما رأى فسأله بعض الناس أن يدله على ذلك القبر فأجابه وعزم على ذلك فرأى ليلته فى المنام ان صاحب ذلك القبر اتاه فقال له والله لئن دللت احدا على قبرى لتصيبنك عقوبة شديدة «1» فاستيقظ (ورق 16) وندم على ما عزم ثم عمى عليهم القبر فلم يعلموا اين هو «2»، ويصدق هذه الحكاية ما رواه الأمام الترمذى عن ابن عباس قال ضرب بعض اصحاب رسول الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب انه قبر فاذا فيه انسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال النبى صلى الله عليه وسلم هى المانعة هى المنجية تنجيه من عذاب الله تعالى «3». وروى اليافعى «4» عن الفقيه محب الدين الطبرى «5» انه كان مع الشيخ ابى الذبيح اسمعيل بن محمد اليمنى المعروف بالحضرمى «6» فقال يا محب الدين ا تؤمن بكلام الموتى قلت نعم قال ان صاحب هذا القبر يقول لى انا من حشو «7» الجنة 5. وروى عنه انه مر يوما على بعض المقابر فى بلاد اليمن فبكى بكاء شديدا ثم ضحك ضحكا حميدا فتعجب الحاضرون (ورق 16 ب) وسأله بعضهم [عن ذلك] فقال كشف لي عن اهل هذه المقبرة فرأيتهم يعذبون فحزنت وبكيت [لذلك] ثم تضرعت الى الله سبحانه فيهم فقيل لي قد شفعناك فيهم فقالت صاحبة هذا القبر وانا معهم يا فقيه اسمعيل انا فلانة المغنية فضحكت وقلت وانت معهم ثم انه ارسل الى الحقار فسأله عن صاحب ذاك القبر فقال فلانة المغنية دفناها فى وقت كذا «1». قال الشيخ اليافعي رحمة الله عليه اخبرني الثقات ان الشيخين الكبيرين العارفين [بالله] امامى شيوخ اليمن فى وقتهما محمد بن ابى بكر الحكمى «2» وابا الغيث بن جميل اليمنى «3» رحمة الله عليهما جاءهما بعض الفقراء بعد موتهما للصحبة والأرادة فخرج الشيخ محمد من قبره وصحب ذلك الفقير واخذ عليه العهد واخرج الشيخ ابو الغيث يده من قبره وصافحه وعاقده «4».
صفحة ٢٢