وإن قيل بجواز الفتح في الجدار الذي هو ملك الفاتح ، قلنا : إن كان مع إعادة حائط المسجد الشريف كما كانت ، بحيث سد الباب والشبابيك التي في الجدار فلا مستطرق منه ، ولا يطلع منها ، فلا كلام ، وإن كان مع إزالة حائط المسجد ، وبناء الاستطراق والاطلاع فمعاذ الله ، فإن هذه ذريعة وحيلة يتوصل منها إلى مخالفة الأمر الشريف ، وإذا منع النبي صلى الله عليه وسلم عمر من فتح كوة ينظره(1) منها حين يخرج إلى الصلاة ، فكيف هدم الحائط جميعه ، بل أزيد على هذا وأقول : لو أعيد حائط المسجد ، وبنى خلفه جدارا أطول منه ، وفتح في أعلاه كوة يطلع منها إلى الشبابيك تصير معدا لمن يجلس فيها مرتفعا ، والقبر الشريف تحته ، فهذا أشد وأشد ، والواجب على كل متحر الاحتياط لدينه حيث علم أن هذا الحكم منصوص عليه من صاحب الشرع ، وأنه لا رأي لأحد فيه بعد نصه ، وإن حكم الحاكم بما خالف النص ينقض ، وفتوى المفتي بما يعارضه ترد ، والتوصل إلى خلافه بالحيل الفاسدة من باب قوله صلى الله عليه وسلم : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل(2) .
فصل :
صفحة ٢٢