ثم مال برأسه على وسادته ومات.
دفن أبو القاسم، وأصبح عباد ملك إشبيلية وغرب الأندلس، وسمى نفسه بالمعتضد، وكان عباد باقعة في السياسة، داهية في اقتناص الفرص، حولا قلبا.
وكان بعيد الهوى والمدى
يكون الصبا ويكون الدبورا
أسد يفترس وهو رابض، وينصب المكايد وهو بين جواريه وكاساته وندمائه ... قاس أشد القسوة، وعنيد أشد العناد، ومخيف أشد الإخافة ... لا يرحم قريبا، ولا تقصر ذراعه عن بعيد، وطد دولته وقوى جيشه، ووسع بغزواته ملكه، ونصب في حديقة قصره خشبا ربط بأعلى كل خشبة رأس ملك، أو أمير، أو قائد ممن ظفر بهم في غزواته، وقد أكثر من الجواسيس حتى خافت الرعية أن تهجس بما في نفوسها، فدانت له الرقاب، وذلت الصعاب، وقهر ملوك غربي الأندلس، وقد صور نفسه بنفسه حين يقول:
حميت ذمار المجد بالبيض والسمر
وقصرت أعمال العداة على قسر
ووسعت طرق المجد طبعا وصنعه
لأشياء في العلياء ضاق بها صدري
فلا مجد للإنسان ما كان ضده
صفحة غير معروفة