22
فالعرف العربي أو العرف الفطري على الأصح الأعم واضح في وصف ابن أبي ربيعة لا تخطئه في عامة شعره على التقليد أو على الابتداع، يستويان.
ولكن هذا العرف يطرأ عليه عارضان يغيرانه وينحرفان به عن قصده، وهما معيشة الحضارة والبيئة الاجتماعية التي كان عمر ينتمي إليها من تلك المعيشة الحضرية، وهي بيئة الترف والنعمة والرخاء.
فالحضارة والنعمة تظهران في الترفع عن عيشة البداوة والاشتغال برعي الشاء والإبل، كما يقول:
معاصم لم تضرب على البهم في الضحى
عصاها ووجه لم تلحه السمائم
23
وتظهران في المباهاة بكسل المرأة ونومها إلى الضحى وفرط غضارتها؛ لأن ذلك جميعه عنوان الغنى والاستغناء والدلال على الرجال، فإذا ذكر الهيف في جمال المرأة خيل إليك أنه يذكره متابعة للعرف وعادة من عادات اللسان وهو ساه عن معناه، وأنه يناقض وصفه حين يذكر الهيف ويقرنه بما ليس يجتمع معه من صفات البدانة والضخامة التي قلما ينساها في وصف حسناء، كما في قوله:
مهفهفة غراء صفر وشاحها
وفي المرط منها أهيل متراكم
صفحة غير معروفة