192

سلسلة مصابيح الهدى

تصانيف

قبسات من سيرة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل نحن اليوم على موعد مع إمام أهل السنة في زمانه وبعد زمانه، إنه العالم الرباني، شيخ الإسلام وسيد المسلمين الذي عرضت له الدنيا فأباها، وتعرضت له البدع فنفاها، إننا اليوم على موعد مع أئمة في إمام، فلقد كان إمامنا إمامًا في الحديث وضروبه، إمامًا في الفقه ودقائقه، إمامًا في الزهد وحقائقه، إمامًا في الورع وطرائقه، إمامًا في السنة بجميع أقسامها، إمامًا في العقيدة بكل أصولها وفروعها، إنه الإمام العلم إنه الحبر الرباني الكبير الذي بذل نفسه وروحه للذود وللذب عن حياض السنة المطهرة. إنه الجبل الراسخ الذي لا تزعزعه الأهواء، ولا تميد به العواصف والفتن والمحن، إنه الرجل الذي أراني اليوم وأنا أتحدث عنه كأنني أقدم لحضراتكم اليوم صحابيًا جليلًا من أصحاب الحبيب المصطفى ﷺ. ولم لا وقد كان إمامنا الحبر العلم لا يحيد قيد شعرة في أقواله وأفعاله وأحواله عن سنة الحبيب المصطفى ﷺ؟! إنه الإمام المبجل أحمد بن حنبل ﵁ وأرضاه، وطيب الله ثراه، وجمعنا الله به مع إمامه وأستاذه؛ إنه ولي ذلك ومولاه. أحبتي في الله! إنه لفخر لبني الإنسان، وإنه لشرف لمثلي وأمثالكم أن أتكلم أنا عن أحمد وأنتم تستمعون إلى سيرته، فمن نحن لنتكلم عن هذا الإمام العلم؟! والله إني أحس بأن حلقي ليجف وبأن قلبي ليرتعد خجلًا وحياءً من أن يقف مثلي معددًا لمناقب ومآثر هذا الحبر وهذا العالم الرباني الجليل الكبير. أيها الأحبة! تعالوا بنا سريعًا -حتى لا تطاردنا عقارب الساعة- لنطالع سيرة هذا العالم الرباني من أولها، فإن تلخيص حياة الإمام في هذه الدقائق المعدودات أمر والله جد عسير، فإلى قفزات سريعة في حياة هذا الإمام العلم، فأقول مستعينًا بالله جل وعلا ومتوكلًا عليه:

16 / 3