153

اختيارات القاضي أبي يعلى الحنبلي الفقهية من أول كتاب الطهارة إلى آخر باب التيمم

تصانيف

أدلة أصحاب القول الثاني: الدليل الأول: حديث عبد الله بن زيد ﵁ "أنه رأى رسول الله ﷺ يتوضأ فأخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه" (^١). وجه الدلالة: أنه نص في أخذ ماء جديد للأذنين غير ماء الرأس. نوقش: بأنه -على فرض صحته- فهو محمول على أنه لم يبق في يده بلل من ماء رأسه، فاضطر إلى أخذ ماء جديد لأذنيه (^٢). الدليل الثاني: ما رواه مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر ﵁ (كان إذا توضأ يأخذ بأصبعيه لأذنيه) (^٣). وجه الدلالة: أنه نص في المسألة. نوقش: بأنه لم يرفعه إلى النبي ﷺ فهو موقوف على صحابي، ولا حجة في قول أحد مع رسول الله ﷺ، وقد جاءت أحاديث تدل على أنه ﷺ مسح أذنيه بفضل ماء رأسه كما مر. الترجيح: الراجح هو القول الأول وأنه يمسح أذنيه بما فضل من ماء رأسه، فلا يستحب أن يؤخذ ماء جديد للأذنين، ولهذا قال ابن القيم: "ولم يثبت عنه ﷺ أنه أخذ للأذنين ماء جديدًا وإنما صح ذلك عن ابن عمر" (^٤) أ. هـ. وقال ابن المنذر: "وغير موجود في الأخبار الثابتة التي فيها صفة وضوء رسول الله ﷺ أخذه لأذنيه ماء جديدًا" (^٥).

(^١) رواه البيهقي، كتاب الطهارة، باب مسح الأذنين بماء جديد (١/ ٦٥) واللفظ له، والحاكم (١/ ١٥١)، وصححة البيهقي، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إذا سلم من ابن أبي عبيد الله هذا، فقد احتجا جميعًا بجميع رواته". وحسنه النووي في المجموع (١/ ٤١٢). (^٢) انظر: شرح العمدة (١/ ١٩١)، شرح فتح القدير (١/ ١٩). (^٣) رواه مالك في الموطأ (١/ ٣٤)، كتاب الطهارة – ٧، باب ما جاء في المسح بالرأس والأذنين برقم: ٣٧، والبيهقي، وابن القيم. انظر: مختصر خلافيات البيهقي (١/ ١٧٢)، زاد المعاد (١/ ١٩٥). (^٤) انظر: زاد المعاد (١/ ١٩٥). (^٥) انظر: الأوسط (١/ ٤٠٤).

1 / 153