149

اختيارات القاضي أبي يعلى الحنبلي الفقهية من أول كتاب الطهارة إلى آخر باب التيمم

تصانيف

أدلة أصحاب القول الثاني: استدلوا بأن التسمية عند ابتداء الوضوء واجبة بحديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: (لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى عليه) (^١) ونوقش من وجهين: الوجه الأول: أنه حديث ضعيف (^٢). الوجه الثاني: على فرض صحته أنه محمول على نفي الكمال دون الإجزاء (^٣). أدلة أصحاب القول الثالث: استدل أصحاب القول ا لثالث القائلين بأن التسمية واجبة عمدًا وسهوًا، بحديث أبي هريرة السابق، وقالوا: الحديث عام يشمل العمد والسهو. ويناقش: بعموم قوله تعالى: ﴿... رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ الآية. (^٤) ولأن الوضوء عبادة تتغاير أفعالها فكان في واجباتها ما يسقط بالسهو كالصلاة (^٥). الترجيح: الراجح والله أعلم هو القول الأول القائل بأن التسمية عند ابتداء الوضوء سنة، لقوة ما استدلوا به ولمناقشة أقوال المخالفين. ثمرة الخلاف: أن من قال إنها سنة فلا يؤثر تركها نسيانًا أو عمدًا على صحة الوضوء، ومن قال إنها واجبة مع الذكر قال: الوضوء غير صحيح بتركها عمدًا، ومن قال: لا تسقط نسيانًا ولا عمدًا قال: ببطلان الوضوء بدونها.

(^١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (٩٤٠٨)، وأبو داود، كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، ح/١٠١، (١/ ٢٥)،والترمذي، أبواب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، ح/٢٥، (١/ ٣٨): ثم قال: (قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد). (^٢) انظر: تخريج الحديث. (^٣) انظر: الحاوي الكبير (١/ ١٠١). (^٤) البقرة: ٢٨٦. (^٥) انظر: المغني (١/ ٧٧).

1 / 149