منتقى الأذكار

تصانيف

سلسلة زاد المؤمن (١) منتقى الأذكار حصن في الدنيا وأجر في الآخرة تأليف د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي تقديم العلاّمة الشيخ د/ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

1 / 1

تقديم فضيلة العلاّمة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين الحَمْدُ للهِ الْمَلِكِ الْمَعْبُودِ، الْمَعْرُوفِ باِلْكَرَمِ وَالْجُودِ، أَحْمَدُهُ وَأَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَوْلاَهُ مِنَ الْخَيْرِ الْمَمْدُودِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي الْوُجُودِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، ﷺ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، دَائِمًا إِلىَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ. أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ قَرَأْتُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ

1 / 5

الَّتِي أَلَّفَهَا الأَخُ الشَّابُّ خَالِدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْجُرَيْسِيُّ فِي فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعاءِ، وَوَسَائِلِ الإِجَابَةِ، وَبَعْضِ الأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الاخْتِيَارَ مَعَ الاقْتِصَارِ عَلَى الثَّابِتِ الصَّحِيحِ أَوِ الْحَسَنِ مِنَ الأَدْعِيَةِ وَالأَْوْرَادِ الْمُؤَقَّتَةِ وَالْمُطْلَقَةِ، لِمَا فِيهَا مِنَ الأَجْرِ الْكَبِيرِ، وَكَذَا الأَذْكَارِ الْوَارِدَةِ مَعَ الإِشَارَةِ إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ، وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهَا بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ، مَعَ تَخْرِيجِ الأَْحَادِيثِ

1 / 6

وَبَيَانِ دَرَجَتِهَا، فَجَزَاهُ اللهُ أَحْسَنَ الْجَزَاءِ وَأَعْظَمَ لَهُ الأَْجْرَ. واللهُ أَعْلَمُ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. كَتَبَهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجِبْرِين ٢/٩/١٤٢١هـ.

1 / 7

المُقدِّمة الحَمْدُ للهِ الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ، مَنْ لاَ تُدْرِكُهُ الأَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَْبْصَارَ، جَاعِلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ تَذْكِرَةً لأُِولِي النُّهَى وَالأَْبْصَارِ، مُرْسِلِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ الْهَادِي الْمُصَطَفى الْمُخْتَارِ، إِمَامِ الذَّاكِريِنَ الْمُتَّقِينَ الأَبْرَارِ، مَنْ أَعْلَمَنَا بِسَبْقِ الْمُفَرِّدِينَ وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِمْ فِي دَارِ الْقَرَارِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ كُلُّ رَاغِبٍ فِي الْجَنَّةِ وَعَائِذٍ بِاللهِ مِنَ النَّارِ، فَأَدَامُوا ذِكْرَ اللهِ تَعَالَى آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ

1 / 9

النَّهَارِ، ﷺ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَعَلَى إِخْوَانِهِ الْمُرْسَلِينَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَْخْيَارِ، وَآلِ كُلٍّ، وَكُلِّ ذَاكِرٍ لِلّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَعْظَمُ حَقٍّ لِلّهِ عَلَيْنَا تَوْحِيدَهُ تَعَالَى، وَخَيْرُ ثَوَابٍ مُدَّخَرًا لِمَنْ ذَكَرَهُ كَثِيرًا، فَلَمْ يَسْبِقِ الذَّاكِرِينَ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ، وَلَمَّا كَانَ أَفْضَلُ قُرْبَةٍ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ حُسْنَ اتِّبَاعِ نَبِيِّهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَحْبَبْتُ إهْدَاءَ أُمَّتِهِ ﷺ

1 / 10

قَبَسَاتٍ مِنْ أَنْوَارِ الأَْذْكَارِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، وَلَمْ أَتَوَخَّ فِي ذَلِكَ اسْتِقْصَاءَهَا - فَهِيَ تَكَادُ لاَ تُحْصَى -، بَلْ قَصَدْتُ انْتِقَاءً مِنْ كَثِيرِهَا وَاخْتِيَارًا مِنْ صَحِيحِهَا، كَيْ تَكُونَ زَادًا للْمُقِلِّ، وَرَأْفَةً بِمَنْ قَدْ يَمَلُّ، ثُمَّ لاَ يَسَعُهُ الإِتْيَانُ بِالْكُلِّ، رَاجِيًا فِي ذَلِكَ حُسْنَ الأُْسْوَةِ بِرَأْفَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَرَحْمَتِهِ بِالْمُؤمِنِينَ. وَقَدْ سَمَّيْتُهُ - بِعَوْنِ اللهِ تَعَالَى - «مُنْتَقَى الأَذْكَارِ» عَازِمًا على أَنْ يَكُونَ الْحَلْقَةَ الأُْولَى مِنْ حَلَقَاتِ

1 / 11

سِلْسِلَةِ [زَادِ الْمُؤْمِنِ]، نَفَعَ اللهُ بِهَا، وَالَّتِي سَتَأْتِي تِبَاعًا، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. أَمَّا تَقْسِيمُ الْكِتَابِ، فَقَدْ جَعَلْتُ ذَلِكَ عَلَى سِتَّةِ فُصُولٍ بَعْدَ الْمُقدِّمَةِ، وَهِيَ: الأَوَّلُ: ... فِي ذِكْرِ الصِّفَةِ الْمُخْتَارَةِ لِلصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ. الثَّانِي: ... فِي بَيَانِ بَعْضِ آدَابِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. الثَّالِثُ: ... فِي أَذْكَارٍ مَشْرُوعَةٍ فِي أَحْوَالٍ وُمُنَاسَبَاتٍ.

1 / 12

الرَّابِعُ: ... فِي أَذْكَارٍ خَاصَّةٍ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. الْخَامِسُ: ... فِي أَذْكَارٍ مَخْصُوصَةٍ بِالْعِبَادَاتِ [الصَّلاةِ وَمَا لاَزَمَهَا، الزَّكَاةِ، الْصِّيامِ، الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] . السَّادِسُ: ... فِي أَذْكَارٍ غَيْرِ مُقَيَّدَاتٍ بِأَوْقَاتٍ أَوْ مُنَاسَبَاتٍ. وَقَدِ اسْتَفَدتُّ فِي طَرِيقَتِي هَذِهِ مِنْ مَنْهَجِ الإِْمَامِ أَبِي زَكَرِيَّا النَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، فِي تَصْنِيفِ كِتَابِهِ الْجَامِعِ الْفَذِّ فِي بَابِهِ (الأَذْكَارِ) (١)، عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ عَوْنًا لِمَنْ ضَعُفَتْ

(١) اسم الكتاب - كاملًا كما سمّاه الإمام النوويّ _ح -: «حِلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبة في الليل والنهار» .

1 / 13

هِمَّتُهُ عَنِ الاسْتِفَادَةِ مِنْ أُمَّاتِ الْمُصَنَّفَاتِ فِي الأَذْكَارِ. وَقَدْ حَرَصْتُ فِي كِتَابِي هَذَا عَلَى الضَّبْطِ التَّامِّ لِلرِّوَايَاتِ، عِنْدَ إِيَرادِهَا فيِ الْمَتْنِ، مُلْتَزِمًا كَوْنَهَا صَحِيحَةً أَوْ حَسَنَةً - إِنْ شَاءَ اللهُ -، ثُمَّ عَمَدتُّ إِلَى تَأْخِيرِ تَخْرِيجِهَا، قَاصِدًا - مَعَ حُسْنِ الاخْتِيارِ للقارِئ - صَرْفَ هِمَّتِهِ لِلرِّوَايةِ، يَحْفَظُهَا وَيَعْمَلُ بِهَا، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَقَدْ تَيَسَّرَ - بِحَمْدِ اللهِ - تَسْجِيلُ مُحْتَوَى هَذَا الْكِتَابِ مِنَ

1 / 14

الأَْذْكَارِ صَوْتِيًّا؛ كَيْمَا يَتَسَنَّى لِلْقَارِئِ حِفْظُهَا وَالْعَمَلُ بِهَا. هذَا، وَإِنْ يَسَّرَ اللهُ لَكَ - أَخِي الْمُؤمِنَ - الاسْتِزَادَةَ، فَالذِّكْرُ خَيْرُ الزَّادِ، وَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرةٌ، وَلَدَيْهِ الْمَزِيدُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزَاب: ٣٥]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا *وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزَاب: ٤١-٤٢] وَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق: ٣٥] . وَقَالَ

1 / 15

عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ»، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ» (٢) . هذَا، وَإِنِّي مُتَضَرِّعٌ إِلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ لِعَمَلِي هَذَا قَبُولًا عِنْدَهُ، وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ أُمَّةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ﷺ، وَأَنْ يُلْهِمَ كُلَّ مَنْ قَرَأَهُ وَعَمِلَ بِهِ أَنْ يَخُصَّنِي وَوَالِدَيَّ بِدَعْوَةٍ صَالِحَةٍ، تَكُونُ لَنَا ذُخْرًا يَوْمَ نَلْقَاهُ ﷿. د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي

(٢) أخرجه مسلم؛ كتاب: الذِّكر والدعاء، باب: الحث على ذِكر الله تعالى، برقم (٢٦٧٦)، عن أبي هريرة ﵁. وجُمدان: جبل في طريق مكة، كما في نصّ الرواية: (كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: جُمْدَانُ) .

1 / 16

الفصل الأول في ذِكْرِ الصِّفةِ المختارةِ للصَّلاةِ والسَّلامِ على النَّبيِّ ﷺ قال اللهُ تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *﴾ [الأحزَاب: ٥٦] . وقال النَّبِيُّ ﷺ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى [إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى] (٣) آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا

(٣) الزيادة في الموضعين [إبراهيم وعلى] وردت في رواية البخاريّ _ح.

1 / 17

بَارَكْتَ عَلَى [إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى] آلِ إِبْرَاهِيمَ، [فِي الْعَالَمِينَ] (٤) إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (٥) . أخي المؤمن، استجِبْ لله تعالى، ولرسوله ﷺ وأَكثِرْ من الصلاة والسَّلام على رسول الله ﷺ، وبخاصَّةٍ في يوم الجُمُعة، امتثالًا لقوله ﵊: «مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِن الصَّلاةِ فِيهِ، فَإِنَّ

(٤) زيادة [في العالمين] وردت في رواية مسلم _ح. (٥) أخرجه البخاري؛ كتاب: أحاديث الأنبياء، بعد باب: (يَزِفُّون)، برقم (٣٣٧٠)، عن كعب بن عُجْرة ﵁. ومسلم؛ كتاب: الصلاة، باب: الصلاة على النبيّ ﷺ بعد التشهّد، برقم (٤٠٥)، عنه أيضًا.

1 / 18

صَلاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» فَقَالُوا: يَارَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ عَلَيْكَ صَلاتُنَا وَقَدْ أَرِمْتَ؟ - يَعْنِي: وَقَدْ بَلِيتَ- قَالَ: «إِنَّ اللهَ ﷿ حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ» (٦) .

(٦) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الصلاة، باب: فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، برقم (١٠٤٧)، عن أوس ابن أوسٍ الثقفي ﵁. كما أخرجه أحمد في مسنده (٤/٨)، من حديثه أيضًا.

1 / 19

الفصل الثاني في بيانِ بعضِ آدابِ الذِّكْرِ والدُّعَاءِ (٧) ١- ... الإخلاصُ وحُسْنُ النِّيَّةِ: قال النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (٨) .

(٧) مستفاد - اختصارًا - من كتاب: الأذكار للنووي، الفصول (١ - ٢ - ٤ - ٩ - ١٠ - ١٣. (٨) أخرجه البخاري؛ كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي، برقم (١) عن عمر بن الخطاب ﵁. ومسلم؛ كتاب: الإمارة، باب: قوله: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّةِ»، برقم (١٩٠٧)، عنه أيضًا.

1 / 21

٢- ... أن يكونَ الذَّاكِرُ في مجالس الذِّكْر: قال النَّبِيُّ ﷺ: «لا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ ﷿، إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (٩) . ٣- ... أن يذكرَ الذاكرُ ربَّه على كلِّ أحيانه، ولا يَدَعَ ذلك، ولو كان على غير طهارةٍ كاملة، أو كان غيرَ مُستَقبِلٍ القِبلة. ... قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا

(٩) أخرجه مسلم؛ كتاب: الذِّكر والدعاء، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذِّكر، برقم (٢٧٠٠)، عن أبي هريرة وأبي سعيد ﵄.

1 / 22

وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [آل عِمرَان: ١٩١] . ... وقد صحَّ عن السيدة عائشةَ ﵂ أنَّها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَذْكُرُ اللهَ على كلِّ أحيانِهِ» (١٠) . ٤- ... أن يكونَ الموضع للذِّكْرِ طاهرًا، ولهذا مُدِحَ الذِّكرُ في المساجد، قال تعالى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾ . ٥- ... أن يكونَ فمُ الذَّاكِرِ نظيفًا، لقول النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ

(١٠) أخرجه مسلم؛ كتاب: الحيض، باب: ذِكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها، برقم (٣٧٣) .

1 / 23

الشَّجَرَةِ - يَعْنِي الثُّوْمَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا [فَإِنّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ]» (١١) . ٦- ... أن يكونَ الذَّاكِرُ متدبِّرًا لما يقول. قال ﷺ للرجل المُسِيءِ في صلاته، غيرِ المطمئِنِّ بها: «ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»، قالها ثلاثًا (١٢) . ٧- ... أن يُلازِمَ الذاكرُ وظيفتَه التي اعتاد عليها، فإنْ فاتَتْه تدارَكَها: قال ﷺ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ

(١١) أخرجه البخاري؛ كتاب: الأذان، باب: ما جاء في الثوم النِّيْئِ والبصل والكُرَّاث، برقم (٨٥٣)، عن ابن عمر ﵄. ومسلم؛ كتاب: المساجد، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كُرّاثًاَ أو نحوها، برقم (٥٦٤)، عن جابر بن عبد الله ﵄. والزيادة في آخره لمسلم. (١٢) أخرجه البخاري؛ كتاب: الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (٧٥٧)، عن أبي هريرة ﵁.

1 / 24

شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» (١٣) . ٨ - أن يعملَ بما بَلَغَه مِن صُنوف الأذكار، ولو لمرَّةٍ واحدةٍ، وأن يأتيَ بما تيسَّرَ له منها، من أجل أن يُحتسَب في عِداد الذَّاكرين إن شاء الله تعالى، قال النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (١٤) .

(١٣) أخرجه مسلم؛ كتاب: صلاة المسافرين وقَصْرها، باب: جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (٧٤٧)، عن عمر بن الخطاب ﵁. (١٤) جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله ﷺ، برقم (٧٢٨٨)، عن أبي هريرة ﵁. ومسلم؛ كتاب: الحجّ، باب: فرض الحجّ مرة في العمر، برقم (١٣٣٧)، عنه أيضًا.

1 / 25