العلمانية وموقف الإسلام منها
الناشر
الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
العدد ١١٥-السنة ٣٤
سنة النشر
١٤٢٢ هـ
تصانيف
"مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني ملكوت الله"١.
"أحبوا أعداءكم، وأحسنوا إلى مُبغضيكم، باركوا لاعينكم، وصلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم، من ضربك على خدك فاعرض له الآخر أيضًا، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضًا"٢.
"لاتهتموا لحياتكم بما تأكلون ولا للجسد بما تلبسون"٣.
لقد نظرت أوروبا إلى هذه التعاليم الموغلة في السماحة فوجدتها بعيدة عن واقع الحياة وظروف العصر.
أما الإسلام فلأنه الرسالة الخاتمة للناس جميعًا فقد جمع بين الحياتين، وطلب العناية بهما معًا - وإن وجه إلى تغليب العمل للباقية منهما، قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَة﴾ ٤.
وقال تعالى: ﴿وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ﴾ ٥.
والإسلام شرع مقابلة السيئة بمثلها ردعًا للظلم، وكسرًا لشوكته، ثم حث على العفو والصفح عن المسيء؛ ذلك أن الناس يختلفون في طباعهم، فمنهم اللين المتسامح، ومنهم الشديد الصعب. فشرع الإسلام لهذا وذاك وقال
_________
١ مرقص:١٠: ٢٥.
٢ لوقا:٦:٢٧-٣٠.
٣ لوقا:١٢:٢٢.
٤ سورة الأعراف، الآية ٣٢.
٥ سورة القصص، الآية ٧٧.
1 / 357