أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

عبد القاهر الجرجاني ت. 471 هجري
56

أسرار البلاغة - ت محمود شاكر

الناشر

مطبعة المدني بالقاهرة

مكان النشر

دار المدني بجدة

تصانيف

الأجسام الكبار، ولأن القصد بالنثر أن تُجمَعُ أشياء في كفّ أو وِعاء، ثم يقع فعلٌ تتفرّق معه دَفْعَةً واحدةً، والأجسام الكبار لا يكون فيها ذلك، لكنه لمّا اتَّفق في الحرب تساقُطُ المنهزمين على غيرترتيب ونظام، كما يكون في الشيء المنثور، عبَّر عنه بالنثر، ونسب ذلك الفعل إلى الممدوح، إذْ كان هو سبب ذلك الانتثار، فالتفرُّق الذي هو حقيقة النثر من حيث جنس المعنى وعمومِه، موجودُ في المستعار له بلا شبهة، ويبيّنه أن النَّظم في الأصل لجمع الجواهر وما كان مثلها في السلوك، ثم لمّا حصل في الشَّخْصَين من الرجال أن يجمعهما الحاذِق المبدعُ في الطعن في رُمْحٍ واحد ذلك الضربَ من الجمع، عبَّر عنه بالنَّظم، كقولهم: انتظمها برمحه، وكقوله: قالوا وينظمُ فَارِسَيْن بطَعْنَةٍ وكان ذلك استعارةً، لأن اللفظة وقعت في الأصل لما يُجْمع في السُّلوك من الحبوب والأجسام الصغار، إذ كانت تلك الهيئة في الجمع تَخُصُّها في الغالب، وكان حصولها في أشخاص الرجال من النادر الذي لا يكاد يقع،

1 / 58