أسرار البلاغة - ت محمود شاكر
الناشر
مطبعة المدني بالقاهرة
مكان النشر
دار المدني بجدة
تصانيف
بعد أن يُراجَعَ فيها بابًا من الهندسة، لفرط ما عادَى بين أشكالها، وشدّةِ ما خَالف بين أوضاعها، وإذا وجدت ذلك أمرًا بيِّنًَا لا يُعارضك فيه شكٌّ، ولا يملكك معه امتراءٌ، فانظر إلى الأشعار التي أَثنوا عليها من جهة الألفاظ، ووصفوها بالسلامة، ونسبوها إلى الدَّماثة، وقالوا: كأنَّها الماءُ جَرَيانًا، والهواءُ لُطفًا، والرياضُ حُسْنًا، وكأنها النَّسِيم، وكأنها الرَّحيقُ مِزاجها التَّسْنِيم، وكأنها الديباج الخُسْرُوانيّ في مَرامي الأبصار، ووَشْيُ اليمَن منشورًا على أذْرُع التِّجَار، كقوله:
ولَمَّا قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَاجةٍ ... ومَسَّح بالأركان مَنْ هو ماسحُ
وشُدَّت على دُهْم المهَارَى رِحَالُنا ... ولم يَنْظُر الغادي الَّذِي هو رائحُ
أخذْنا بأطراف الأحاديث بَيْنَنا ... وسَالَتْ بأعناق المطيِّ الأباطحُ
1 / 21