واجهت الجمع في المقاصد الإسلامية الخيرية عامذاك، وكلهم ذكور، فبدأت خطابي: «سيدا ... عفوا سادتي.» وبعد تلك الحفلة أصبحت النساء يحضرن الاجتماعات النسوية.
معظم الخطباء يعتذرون عن التطويل. أريد أن أعتذر عن الاختصار. أرادوني أن أتكلم نصف ساعة. خطابي لا يتجاوز ربع الساعة. حين عتبوا علي لقصر الخطاب قلت لهم: «ربع ساعة خطابة مني، ومنكم أيها المستمعون ربع ساعة تصفيق.»
بيد أني أخشى أن أسمع ربع ساعة خطابة، وأسمع ربع ساعة تصفيرا.
ذلك لأنني سألتكم في صراحة قد تكون مؤلمة.
حين يقابل الغريب الغريب لأول مرة يحكم عقدة الكرافتة، ويمشط شعره ويزرر سترته. في هذا المجتمع أحسب نفسي في بيتي وبين أهلي، فلا عجب إن جاء خطابي منبوش الشعر لابسا البيجاما.
هذا المحفل واضح العروبة، وإني رجل قد أتخلى عن كل ما أدعيه في الحياة، ولكني أمدح نفسي بالإصرار على أني صافي العروبة.
حين شردتني الحياة عن كورنيشها العريض، وأسلكتني دربا فرعية ضيقة نائية، وقذفت بي من الحاضرة الكبرى إلى كهف مهجور. لم أنس حين دخلت الكهف أن أغرس على مدخله علم العروبة، وأن أنير سراجها في زاويته.
أمهد بهذا الكلام لأني سأقسو بالانتقاد. سأجور عليكم لأنني واحد منكم.
هذا المجتمع هو إسلامي. كلية المقاصد هي إسلامية في اسمها ونزعتها وأساتذتها وتلامذتها وتعاليمها.
لقد أدى الإسلام إلى المدنية ألف رسالة غالية من أجملها رسالة التسامح.
صفحة غير معروفة