فرسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم هو خاتم الأنبياء ، ورسالته وشريعته خاتمة الرسالات والشرائع ونهضته هي النهضة الكبرى التي مهدلها الأنبياء السابقون ، وقد فتحت هذه النهضة الالهية صفحة جديدة في حياة البشرية ، وغيرت مسار التاريخ الإنساني تغييرا جذريا ، وأسست حضارة كبرى لا تزال أمواجها رغم مرور أربعة عشر قرنا حية نابضة ، فاعلة ، تهز الضمائر ، وتتفاعل مع العقول .
ولهذا فإن السيرة المحمدية مشحونة بالمناهج والدروس ، زاخرة بالبصائر والعبر ، بقدر ما هي مليئة بالدقائق والحقائق ، واللطائف والاسرار.
حقا إن حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحاجة إلى تعمق جديد كلما تجدد الزمن ، وكلما تقدمت العلوم والمعارف ، وتطورت الحياة ، وانفتحت أمام البشرية آفاق جديدة في شتى الأصعدة والمجالات.
ولا شك أن هذه المهمة ليست عملا بسيطا ومهمة سهلة ، وخاصة مع ما عليه الكثير من المصادر التاريخية الاولى من تصحيف أوتحريف أوتشويه للحقائق ، أوتغيير للامور.
فان هذه المهمة تحتاج في ما تحتاج إليه إلى ثلاثة أشياء أساسية :
1 عقلية متفتحة ، متدبرة ، نافذة متأنية.
2 جهود كبيرة ، وتتبع واسع ، وتمييز للصحيح عن السقيم ، والدخيل عن الاصيل.
3 معرفة بجوانب تتصل بالسيرة المحمدية اتصالا وثيقا كالمعرفة بمكانة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم في القرآن الكريم.
فمع توفر هذه الشروط يمكن الحصول على صورة نقية ، ومفيدة للسيرة المحمدية المباركة ، صورة تتفق مع روح القرآن ، وتلتقي مع الواقع ، وتصلح للاتساء ، والاقتداء ، والاهتداء والاقتفاء.
ولقد توفرت هذه الشروط ولله الحمد في استاذنا العلامة الحجة المحقق سماحة الشيخ جعفر السبحاني ، حفظه الله.
صفحة ٦