ولكن هل تكفي هذه الهداية الفطرية ، التكوينية لكائن مثل الإنسان ، اشرف الموجودات ، وافضل ما في هذه الخليقة؟!
بكل تأكيد : لا.
لأن للإنسان حياة اخرى غير الحياة المادية ، تشكل اساس حياته الواقعية ، ولو كان للإنسان حياة مادية جافة فقط مثلما لعالم النباتات ، والحيوانات ، لكفت العوامل والعناصر المادية في تكامله ، والحال أن للإنسان نوعين من الحياة ، يكمن في تكاملهما معا رمز سعادة الإنسان ورقيه.
ان الإنسان الأول ، ونعني به انسان الكهوف والحياة البسيطة والفطرة السليمة التي لم يطرأ على جبلته اي إعوجاج لم يكن بحاجة إلى ما يحتاج إليه الإنسان الإجتماعي من التربية والهداية.
ولكن عندما خطى الإنسان خطوات أبعد من ذلك ، وبدأ الحياة الاجتماعية ، وسادت على حياته فكرة التعاون والعمل الجماعي برزت في روحه ونفسيته سلسلة من الانحرافات نتيجة للاحتكاك الاجتماعي ، وغيرت الخصال القبيحة والافكار الخاطئة صفاته الفطرية ، وبالتالي اخرج المجتمع من حالة التوازن!
إن هذه الانحرافات حملت خالق الكون على أن يرسل إلى البشرية رجالا أفذاذا صالحين يتولون تربية البشر ، وليقوموا بتنظيم برنامج المجتمع ، والتخفيف من المفاسد الناشئة بصورة مباشرة عن النزعة الاجتماعية لدى الإنسان ، وليضيئوا بمشاعل الوحي المشعة المنيرة طريق السعادة والخير للانسانية في جميع المجالات والابعاد.
إذ لا نقاش في أن الحياة الاجتماعية والعيش بصورة جماعية مع كونه مفيدا ، ينطوي على مفاسد لا تنكر ، ويجر إلى انحرافات كثيرة لا تقبل الترديد.
ولهذا بعث الله سبحانه رجالا مصلحين ، وهداة مرشدين يعملون قدر الامكان على الحد من الانحرافات والمفاسد ، ويضعون عجلة المجتمع بتنظيم القوانين الواضحة والانظمة الحكيمة على الطريق الصحيح ، ويضمنون دورانها
صفحة ٣١٥