السيف اليماني لمن قال بحل سماع الآلات والمغاني

البرلسي، مصطفى بن رمضان ت. 1263 هجري
26

السيف اليماني لمن قال بحل سماع الآلات والمغاني

تصانيف

الفقه

بل ذكر صاحب الشامل أن ذا الهيئة ينهى عن المباح ، ونصه : فإن كان مباحا ، وهو من غير ذي الهيئات ، فالوجوب باتفاق ، وكذا إن كان منهم على الأصح ، وينكر جهده ، وتبعه التتائي إلا أن شارح الشامل قال : لا وجه لإنكار المباح ، إنما الإنكار في غيره ، واستدل لما قال بكلام التوضيح وغيره ، فانظره إن شئت ، فأنت ترى أن غير المباح لا خلاف في إنكاره ، وإنما النزاع في اللعب المباح ، وكفى بهؤلاء الأئمة حجة ، فدعوى أن الإنكار لا يتجه كلام باطل ، لا التفات إليه ، وما أعجب حال هذا المفتي يدعي الضرورة على حقيقة أمر باطل ، لا يعرف له قائل ، واتباع الهوى يوجب أكثر من ذلك ، وكأنه أخذ ما قال من قول أبي المواهب في رسالته : إن المختلف فيه لا يسوغ التعزير فيه ، لكنه بدل التعزير بقوله : الإنكار لموافقة غرضه ، وقد رد ذلك ابن حجر بأنه مخالف لما اتفق العلماء عليه ، وأشبع الكلام في ذلك ، فراجعه إن شئت ، وقد كان في نفسي أن أرد بمجرد الإشارة والتنبيه مع الأدب ، ثم رأيت أن من لا يتأدب مع الشرع ، لا يتأدب معه ، وكيف لا ينكر المنكر ، والله تعالى يقول [ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (78) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ] (¬1) على أنه حيث كان الرجل المنكر من علماء المالكية فالرد عليه بما في كتب الحنفية بعد صحة النقل عنهم ، وفهم كلامهم هي المسألة بعينها ، فإنه فعل أمرا يجب عليه بمقتضى مذهبه ، فالرد عليه بغيره إنكار للمختلف فيه ، وإن كان أراد بقوله : وغيرهم المالكية ، فقد سمعت نصوصهم ، فليفهم من كان ذا فهم على أن العبارة التي ذكرها إنما فيها لا يجب ، وأما أنه لا يسوغ ، وأن فاعله يلام فيحتاج إلى نص يفصح عنه ، والظن أنك لا تجده ، ولو عمرت عمر نوح .

وقوله : إن المحققين على جواز الترخيص برخص المذاهب .

إطلاق في محل التقييد ، وهو خطأ صريح ، وخبط قبيح ، على أنه قد علم من كلام ابن حجر المتقدم وغيره ، أنه لا رخصة في هذه المسألة .

وقوله : ومن شرط العالم .. الخ .

كلام يلحق قائله به العار ، ويضحك عليه من الصغار والكبار ، فإن النصوص طافحة بأن الشرط إنما هو علم الحكم في المسألة ، وأن الأمر بتغيير المنكر حكم عام ، تخاطب به / الأمراء والعلماء والعوام ، ومعرفة مواقع الإجماع 23 والخلاف لا يتيسر لجميع الأمة ، وقد ذكر الإمام العدوي أن هذه المعرفة من أصعب ما يكون ، وأنها لا تتيسر إلا لأهل الاجتهاد ، وهل قال أحد إن وجوب تغيير المنكر خاص بالمجتهدين ، وهل هذا المفتي متهم ، وكأن هذا المفتي لم ير لأحد كلاما في هذه المسألة .

وقوله : والاتفاق على جواز التقليد .

كان مراده اتباع إمام غير إمامه ، ودعوى الاتفاق على هذا باطلة ، وكأنه لم ير شيئا من كتب الأصول .

وقوله : إن هذا الأمر يستحب في مثله الارتكاب .

صفحة ٣٤