وأما الظاهر برقوق فإنه كان مشهورا بأنواع الفروسية من الرمح والنشاب ونحوها ، فكذلك مولانا السلطان المؤيد مشهور بلا خلاف بالفروسية وأنواع الحروب ، بل فاق عليه بقوة الجنان ، فإنه قد ثبت بالتواتر أن مولانا السلطان في الحروب
كالجبل الراسى لا يتحرك يمينا وشمالا ، ويحرض من يرى فيه عجزا وكلالا ، ويجتهد في ذلك بالعزم ، ولا ينزعج من حركات الخصم ، ولقد شاهدت العامة والخاصة ذلك منه في مواطن كثيرة ، وقد أخبرتى بذلك جماعة كثيرة من الأمراء والأجناد وغيرهم ثم أعلم أن من جملة أسرار حروف اسم السلطان أنبا مشتملة على الحروف النارية ، وهى الشين ، والهوائية وهى الياء ، والترابية وهى الخاء . وقد علم في أسرار الحروف أنها نارية ، وهوائية ، وترابية . وماثية . ثم الشين تدل على أن كل من عاداه ، أو عضصى عليه ، أو خرج من طاعته ، أو أضمر له سوءا ، أو نوى له مكرا وخديعة ، فإنه يحترق بناره ، ويتلاشى أمره ، ويتفرق شمله ، ويندرس حاله ، ولا يبقى له ولا لحاشيته أثر ولا خبر ، كالنار إذا وقعت فى أرض تأكل ما فيها كله .
والياء تدل على أن من نصح له وأخلص فى طاعته ظاهرا وباطنا تنصب عليه نفحات نسيمه الوسيم ، ونهب عليه نسمات بره وخيره العظيم ، كالهواء فإنه حياة كل ذى روح ، وبقاء كل حيوان . والخاء تدل على عمارته بلاد رعيته ، ويدل على ذلك عدله ، وذلك لأن التراب تخرج منه أرزاق جميع العباد والحيوانات ، ويستر به من كان من الأموات ، . والشين في الجمل الكبير تلائمائة ، وفى الصغير ثمانية ، والياء فى الكبير والصغير عشرة . والاء فى الكبير ستمائة ، وفي الصغير ساقطة ، فالباقي بعد الإسقاط ستة ، فإذا أضيف إليها ما بقى من اسم
أمه الحواء يكون تسعة ، فيكون نجمه تاسع البرج وهو القوس وهو تاسع السلاطين ، وطالعه المشترى وهو برج ذكر نهارى نارى ملوكى ، ذو جسدين ، قوته من أول النهار إلى نصفه ، يمتزج فيه الخريف بالشتاء ، حارة يابسة ، طبيعتها مرة صفراء ، مدبرها بالنهار الشمس ، وبالليل المشترى ، وشريكهما بالليل والنهار زحل ، وإذا نزلت الشمس إلى هذا البرج يكون الليل أربع عشرة ساعة والنهار عشر ساعات ، وله من منازل القمرثلاثة : السولة والنعائم والبلدة ، وله ثلائة وجوه ، الأول لعطارد ، والثاني لقمر ، والثالت لزحل ، وهو أخر القوس ، وقد كان ميلاد مولانا السلطان الملك المؤيد- والله أعليم - فى الوجه الثالث ، لأن العلامات التى فيه تدل على ذلك ، وهى تمام القامة ، وبسطة الجسم ، وحسن الصورة ، وعلو الهمة والإقبال والسلطنة ، والرتاسة التامة الكاملة ، ودل هذا أيضا على أمور الأول : بيت الحياة يعمر طويلا ، ويعيش حميدا سعيدا الثاني : بيت المرض يعتل علة صعبة شديدة فى ثلاث سنين من عمره وأخرى فى اثنى عشرة وأخرى فى ثلات وثلاثين ، فإذا عدى ذلك عاش طويلا ، وأكثر أمراضه فى أفخاذه وصلبه ، بسبب استيلاء البلغم . الثالث بيت الآقارب والإخوة : يكون هو المقدم عليهم ، والمحبوب عند والذنهم ، ويتأخر بعدهم بزمان ، ويفارقهم من مكان : الرابع بيت الأولاد ، ويفرح
بالأولاد وربما يرزق ستة من الذكور غير الإناث [ اللاتي ] تتزوج فى حياته ، وربما يأتى له توأمان . الخامس بيت النساء : يتزوج كثيرا ، ويفرح باثنتين ، ويرى منهما البركة والصلاح . والسادس بيت المال ، يرزق مالا عظيما ، وينفق أكثره فى سبيل الله ، وتوافقه التجارة ، وعمارة الأرضين والبساتين : السابع بيت الأسفار : لايحاف عليه في السفر ، بل يرى فيه أرباحا ومكاسب . الثامن بيت الحساد والأعداء ، كل من يعاديه ملك أو يناله مكروه لا ينجو منه ، ولا يعمل فيه كيدهم ، ولو سحروه لا يعمل فيه السخر ، لعلو نجمه وقوته : التاسع بيت علاماته الظاهرة ، دل نجمه على أن بفخذه علامة ، وعلى صدره علامة أو شامة ، وعلى كتفه كذلك ، وربما يكون في جسده عقر الحديد . العاشر بيت علاماته الباطنة .
شديد البأس ، جرىء فى أموره ، يتكلم بكل ما يجرى على لسانه ، ثم يندم من ساعته، يغضب ويزجع سريعا ، وهو كريم المشهد ، صدوق اللهجة ، سليم الناحية ، كثير الحلم والصفح والعفو ، قابل للحق ولو فى وجه من يجبه الحادى عشر ، ما يوافقه ومالا يوافقه من المشروبات ، المنقوع المحلى ، والتمر هندى المحلى ، ومن الفصوص ، الياقوت الأزرق ، ومن الذواب : الشقر ، ومن الثياب : الأصفر والأخضر ، ومن الندماء والجلساء : من كان نجمه القوس والحمل
والأسد ، ولا يوافقه من كان نجمه العقرب والحوت والسرطان ، ويوافقه من الشهور العربية :، رمضان ، ومن شهور الفرس : أذرماه ومن شهور الروم : كانون الأول ، ومن الأيام : الخميس ، ومن الزمان : الشتاء ، ويتوفى يوم الأربعاء. الثاني عشر بيت ما ينبغى أن يفعله : ينبغى له إذا أراد أن يباشر النساء أن أن يتقلل الطعام والشراب . وإذا نام يجعل رأسه مما يلى المشرق فإنه أصح لأحلامه ، وإذا أراد أن ينظر إلى الهلال ينظر على وجه ذكر - والله أعليم - فهذا الذى ذكرنا عند بعضهم إنما يمشى قبل السلطنة ، لأن عندهم لا يحسب للسلاطين والملوك ، ومن الطوالع إلا برج الأسد ، وطالع الشمس ، وهذه قاعدة عندهم واصطلاح ، ولا منازعة فيه ، ومن خواص هذا الاسم : أنه ليس [ فيه ] حرف من الحروف التى ينغلق بها الفم ، ففيه إشارة أن صاحبه دائما فى الفتوح والبركات ومن النكات فيه أن حروفه موجودة في حروف بعض أسماء الأنبياء عليهم السلام ، فالشين موجودة في اسم شعيب النبى عليه السلام ، وشعيا النتي عليه السلام ، وشمويل عليه السلام ، وشيت النيى عليه السلام ، وشمشون الننى عليه السلام والياء موجودة فى اسم يونس النبى عليه السلام ، ويحبى النبى عليه
السلام ، ويوشع النبى عليه السلام ، ويوسف النيى عليه السلام ، ويعقوب النني عليه السلام ، ، والخاء موجودة في الخليل عليه السلام ، وخضر النيى عليه السلام ، وكذلك حروف اسم مولانا السلطان موجودة في اسم نبينا محمد عليه السلام ، وذلك لأن العلماء عدوا له سبعين أسما - ذكرها الفارق في كتاب البستان - منها : الشاهد والشكور وياسين ، فالشين والياء موجودتان في هذه الأسماء الثلاثة . وأما حرف الخاء فلا توجد إلا في اسمه المذكور في الإنجيل خير طا ه ، واسمه المذكور فى التوراة خبذاخيد ] واختلف فى معتى هذين الاسمين ، فقيل معى الأول الشيد ، وقيل المختار . ومعى الثاني نبى كريم ، وقيل نبىء الرحمة ، ثم السر فى هذا أنه روى فى بعض الإسرائيليات : أنه إذا كان يوم القيامة يؤفى برجل فيحاسب فتغلب سيئاته حسنائه فيؤمر به إلى النار ، ثم ينادى أوقفوه وأنطروا هل تعلم فى الدنيا في عمر شيئا من العلم؟ فينظرون فلا يجدون شيئا ، ثم يقال انظروا هل جالس العلماء فإن العلماء لا يشقى جليسهم ؟ فينظرون فلا يجدون شيئا ، ثم يقال : انظروا هل أحب العلماء فإن من أحب قوما فهو منهم فينظرون فلا يجدون شيئا ، ثم يقال ، انظروا أرافق العلماء في عمره مرة فينظرون فلا يجدون شيئا ، ثم يقال : انظروا هل سكن فى مخلة فيها عالم من العلماء ، فينظرون فلايجدون شيئا ، ثم يقال : انظروا هل يوافق اسمه اسم أحد من العلماء فينظرون فلايجدون شيئا من ذلك ، ثم
يقال : انظروا هل في اسمه حرف من حروف اسم أحد من العلماء ؟ فينظرون فيجدون في اسمه حرفا من حروف اسم أحد من العلماء فيغفر له ببركة ذلك ، ويساق إلى الجنة . فإذا كان من يستحق النار يغفر له ببركة وجود حرف فى اسمه من حروف اسم أحد من العلماء ، فأولى وأجدر وأحق أن يغفر[ له] ويستوجب الكرامة من كان في اسمه حروف من حروف اسم نبى من الأنبياء عليهم السلام ، ولاسيما حروف اسم مولانا السلطان - خلد الله ملكه - كلها موجودة في أسماء الأنبياء المذكورين عليهم السلام ، فإن قال قائل ، فكذا يوجد فى أسماء غيره من السلاطين الترك حرف من حروف اسم نبى من الأنبياء عليهم السلام فيتساوى كلهم في هذه الفضيلة ، قلنا : لا نسل ذلك ، لأن كلامنا فى اللفظ العربى ، فاسم مولانا لفظ عربى من المشتقات ، واسم غيره من السلاطين المذكورين لفظ أعجمى ، فإن أسماءهم أيبك وقطز ، وبيبرس ، وقلاون ، وكتبغا ، ولاجين ، وبيبرس الثانى وبرقوق ، فإنها ألفاظ عجمية فلا تدخل فى المأخذ الذى ذكرنا ، فإذا كان كذلك فقد فاق مولانا السلطان على هؤلاء بما تضمنه اسمه الشريف مما ذكرنا . ومن أسرار هذا الاسم أن صاحبه إذا أراد أن يدعو الله تعالى عند طلب حاجة من جلب منفعة أو دفع مضره ينبغى له أن يذكر الله تعالى بأسمائه التى أول حروفها حروف اسمه نحو أن يقول : يا شكور ، ياشهيد ، ياخالق ، يا خبير . وأما حرف الياء فإنا تذكر فى أول كل اسم عند الدعاءنحو: يا أالله ، يارحمن ، يارحيم وشير ذلك ،
الباب الثالث في كنيته وما تدل عليه ومن تكنى بها من الملوك
صفحة غير معروفة