السيف المسلول على من سب الرسول
محقق
إياد أحمد الغوج
الناشر
دار الفتح عمان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
مكان النشر
الأردن
تصانيف
فتنة، ولكنه تركه للمصلحة، ولا نقول إن انتقامه وتركه في الحالتين لأن الحق له فله أن يعفو وله أن يترك، صحيح أن له ذلك ولكنا علمنا أنه لم ينتقم لنفسه قط، فعلمنا أنه إنما راعى حق الله في الحالتين، وأنه حيث انتقم انتقم لله وقتل ابن خطل والقينتين ومقيس بن صبابة، وحيث نزل نزل لله في ابن أبي سرح وذي الخويصرة وجماعة كثيرة.
وحال الأئمة بعده كحاله في أنهم يجب عليهم الانتقام لله فيمن لم يسلم، وليس لهم الترك، لأنهم لا يطلعون على المصالح، والنبي ﷺ كان يطلع عليه ويخصه الله بما شاء من علمه وحكمه فيها، ولهذا لم يستتب ذا الخويصرة وشبهه، ولو صدر من أحد اليوم ما صدر من ذي الخويصرة لأوجبنا استتابته.
ولعل ترك الاستتابة في ذلك الوقت لأحد أمرين:
إما أن النبي ﷺ أطلع على بواطن أولئك القوم وأنهم لا يتوبون كالمنافقين الذين علم نفاقهم، فلم يكن للاستتابة فائدة.
وإما لأن أولئك القوم كانوا جهالًا حديثي عهد بإسلام، لم تتقرر عندهم أحكام الشريعة ولا عرفوا دلائل العصمة ووجوب تعظيم الأنبياء وصيانة منصبهم العلي عن ذلك، فلم يؤاخذهم بذلك، كما قال تعالى: (وأعرض عن الجاهلين) [الأعراف: ١٩٩]، فلا يكون ذلك ردة في حقهم، الله أعلم براد رسوله.
فإن قتل: لا شك أن النبي ﷺ لم يكن ينتقم لنفسه، لكن له أن ينتقم وإن تركه تكرمًا، فبعد موته ﷺ الحق ثابت له، وليس لغيره أن يترك، فبماذا يسقط الحق؟
1 / 199