ذكر ذلك في "الأم" جوابًا عن قول أبي يوسف: إن السبي لا يجري على أهل مكة، في الجزء السابع عشر من "الأم".
والاستدلال بحديث ابن أبي سرح هذا قوي عند من يرى أن/ استتاببة المرتد واجبة، فإن قتله لو كان للردة لاستتابه على قول هؤلاء، ولم يقع ذلك، وليس بكافر أصلي حتى يقول إن الإمام مخير فيه قبل الإسلام، فلا محمل لقتله إلا السب، وأن الساب يقتل بغير استتابة، أعني: لا نعرض عليه التوبة، أما إذا أنذر فأسلم فسيأتي حكمه.
ومن لا يرى الاستتابة واجبة يقول: إنها سنة، فتترك النبي ﷺ إياها يدل على أن هذا القتل عن السب، وأنه أعظم من قتل الردة، إذ يستتاب في ذلك وجوبًا أو استحبابًا ولا يستتاب في هذا.
ومما يدل على أن جُرْمَ الساب أعظم من جُرْمِ المرتد ما روى البخاري عن أنس قال: كان رجل نصرانيا فأسلم، وكان يكتب للنبي ﷺ، فعاد نصرانيًا، فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبت له، فأماته الله، فدفنوه، فأصبح وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فِعْلُ محمدٍ وأصحابه نبشوا عن صاحبنا فألقوه، فحفروا له وأعمقوا، فأصبحوا وقد لفظته الأرض، فعملوا أنه ليس من الناس فألقوه.
1 / 143