علو الله عز وجل
قال المخالف : مذهب هؤلاء كما هو مذهب المعتزلة إنكار علو الله تعالى معرضين بذلك عن الأدلة الشرعية والبراهين العقلية التي تدل على علو الله سبحانه ، قال تعالى : (( ءأمنتم من في السماء )) [ الملك : 16 ] ، (( وهو القاهر فوق عباده )) [ الأنعام : 18 ] ، والخلق جميعا يرفعون أيديهم عند الدعاء ويقصدون جهة العلو .
قلت : نحن لا ننكر علو الله الذي هو علو قهر وسلطان ، بل ننكر العلو الحقيقي لأن العلو في المكان ما هو إلا تجسيم وتشبيه لله عز وجل ، والله منزه عنه.
والذي يدل على أن العلو يستعمل ويراد به المعنى المجازي أن العرب تقول : الملك أعلى من الوزير ، والمراد علو الأمر والنهي ، يدلك على هذا أن الملك قد يكون في مكان حقيقي أسفل من الوزير ، وقال تعالى حاكيا عن سليمان : (( ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين )) [ النمل : 31 ] أي علو قهر بعدم الامتثال لأمر سليمان عليه السلام ، إذ لا يعقل أنه عليه السلام نهاهم عن العلو الحقيقي.
وقال تعالى : (( إن فرعون علا في الأرض )) [ القصص : 4 ] ، والمراد أنه لعنه الله تكبر وتجبر وقهر العباد ، وليس المراد الإخبار أن فرعون لعنه الله اتخذ مكانا حقيقيا عاليا على الناس ، وقال تعالى : (( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون )) [آل عمران : 139 ].
ولما انتصر المشركون يوم أحد قال أبو سفيان : أعل هبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معلما أصحابه أن يردوا على أبي سفيان : الله أعلى وأجل . والمراد أن الله أقهر سلطانا وقدرة يدلك على هذا أن أبا سفيان كان في أسفل الجبل ورسول الله كان في الأعلى فمراد أبي سفيان أن هبل علا على المسلمين علو قهر بفوز المشركين على المسلمين.
....
صفحة ٣