قلت : ألم نقل لا كحزننا ولا كأمعائنا ولا كفروجنا؟ فكان هذا النفي نفيا للنقص، فقولنا له حزن وأمعاء وفرج إثبات، وقولنا لا كحزننا ولا كأمعائنا ولا كفروجنا نفي للتشبيه والنقص مع إنه حزن يليق بجلاله وليس فيه من الكيف المعلوم حتى تقول إنه نقص، إذ قولكم إنها نقص ناتج عن تشبيه فرج الله بفروجكم مع إن الحزن والفرج والأمعاء لها كيفية مجهولة.
ثم نقول هي صفة الكمال في اليد والساق والجنب والأصابع؟، مع أنه تعالى يقول (( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون))، وقولكم إن اليد يكون بها الإنفاق ينافي الآية المتقدمة وينافي كونه تعالى الغني الذي لا يحتاج إلى شيء، إذ الإنفاق متوقف على اليد، وما هي فائدة بقية الأعضاء والجوارح التي هي عندكم صفات ؟
قالوا : لا ندري لكن الله قد أخبرنا بأن له يدا وساقا وغير ذلك فلا بد أن تكون له صفات كمال.
قلت : لكنه أخبركم بأنه نزل القرآن بلسان عربي مبين ولغة القرآن لا يوجد فيها يد ورجل وساق بمعنى صفة، ولغة العرب فيها الحقيقة المجاز، والحقيقة في اليد والرجل والساق هي الجوارح والأعضاء وإن تفاوتت من حيوان إلى آخر، وما ذكرتم ليس في لغة العرب لا حقيقة ولا مجازا، ثم هل أخبركم الله بأن له يدا لا كالأيدي ورجلا لا كالأرجل؟!!
أيها الأخوة ؛ الحقيقة لا تتغير أبدا بقول شخص : تليق بجلاله . اللغة العربية التي أنزل القرآن بلغتها هي من وضع البشر ، وهم وضعوا في لغتهم معانيها الحقيقية كاليد والساق ونحوهما على أرضية بشرية ، وأنتم رفضتم المجاز والتأويل ، وأبيتم إلا المعاني الحقيقية التي هي من قاموس بشري .
فمن أين لكم أنه يوجد لله مكان عدمي وأنه فيه وكذا جهة عدمية من لغة العرب ؟!
ومن أين لكم أن لله يدين ورجلا وساقا وقدما حقيقة في لغة العرب ؟!
صفحة ٢٥