بأي وجهٍ تلقى ربك؟! أيساوي ما تناله من الهوى لفظ عِتَابٍ؟!
٦٢٥- بالله، إن الرحمة بعد المعاتبة ربما لم تستوف قلع١ البغضة من صميم القلب، فكيف إن أعقب العتاب عقاب؟!
٦٢٦- وقد أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: أخبرنا محمد بن الحسين المعدل، قال: أخبرنا أبو الفضل الزهري، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الزعفراني، قال: حدثنا أبو العباس بن واصل المقرئ، قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي، قال: رأى جار لنا يحيى بن أكثم٢ بعد موته في منامه، فقال: ما فعل بك ربك؟ فقال: وقفت بين يديه، فقال له: سوءة لك يا شيخ! فقلت: يا رب! إن رسولك قال: إنك لتستحي من أبناء الثمانين أن تعذبهم٣، وأنا ابن ثمانين، أسير الله في الأرض. فقال لي: صدق رسولي، فقد عفوت عنك.
وفي رواية أخرى عن محمد بن سلم الخواص، قال: رأيت يحيى بن أكثم في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه، وقال لي: يا شيخ السوء! لولا شيبتك، لأحرقتك بالنار.
والمقصود من هذا النظر بعين الاعتبار، هل يفي هذا بدخول الجنة، فضلًا عن لذات الدنيا؟ فنسأل الله ﷿ أن ينبهنا من رقدات الغافلين، وأن يرينا الأشياء كما هي، لنعرف عيوب الذنوب. والله الموفق.
١ قلع: إزالة.
٢ يحيى بن أكثم المروزي، أبو محمد، قاضي، رفيع القدر، عالي الشهرة، من نبلاء الفقهاء، ولاه المأمون قضاء بغداد توفي سنة "٢٤٢هـ" منصرفًا من الحج، وقد بلغ ثلاثًا وثمانين سنةً.
٣ رواه أبو نعيم عن عائشة.
١٣٠- فصل: من يتوكل على الله فهو حسبه
٦٢٧- ضاق بي أمر أوجب غمًّا لازمًا دائمًا، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل حيلة وبكل وجه، فما رأيت طريقًا للخلاص، فعرضت
1 / 204