الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله صلى الله عليه وآله واختلافهم في التعيين لا يقدح في الإجماع المذكور ولتلك الأهمية لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله قام أبو بكر خطيبا كما سيأتي فقال أيها الناس من كان يعبد محمدا ص فإن محمدا ص قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت لا بد لهذا الأمر ممن يقوم به فانظروا وهاتوا آراءكم فقالوا صدقت ننظر فيه ثم ذلك الوجوب عندنا معشر أهل السنة والجماعة وعند أكثر المعتزلة بالسمع أي من جهة التواتر والاجماع المذكور وقال كثير بالعقل ووجه ذلك الوجوب أنه صلى الله عليه وآله أمر بإقامة الحدود وسد الثغور وتجهيز الجيوش للجهاد وحفظ بيضة الإسلام وهي لا تتم إلا بالإمام وما لا يتم الواجب المطلق إلا به وكان مقدورا فهو واجب ولأن في نصبه جلب منافع لا تحصى ودفع مضار لا تستقصى وكل ما كان كذلك يكون واجبا أما الصغرى على ما في شرح المقاصد فتكاد تلحق بالضروريات بل بالمشاهدات بشهادة ما نراه من الفتن والفساد وانفصام أمور العباد بمجرد موت الإمام وإن لم يكن على ما ينبغي من الصلاح والسداد وأما الكبرى فبالإجماع عندنا وبالضرورة عند من قال بالوجوب عقلا من المعتزلة كأبي الحسين والجاحظ والخياط والكعبي انتهى.
أقول: فيه بحث من وجوه أما أولا فإنه إن أراد انعقاد الإجماع على أن نصب الإمام واجب على الأمة فبطلانه ظاهر لظهور الخلاف من الإمامية والمعتزلة كما لا يخفى وأيضا وجوب نصبه على الأمة يقتضي أنهم إذا لم يتفقوا لم يحصل انعقاد الإمامة
صفحة ٣٢