قال : وأخبرني الوليد ، قال : فأخبرني من شهد ذلك من المشيخة ، أو من أخبره من شهدها : أن الذين ثبتوا مع مسلمة لما أبطأ عليهم خبر العباس جعلوا يلتفتون إلى ناحية الدرب ، فقال لهم مسلمة : ها هنا ارفعوا إلى الله ، فمنه يأتي النصر والمدد ، قالوا : فانطلق عباس ومن معه من المسلمين يقتلونهم ، حتى أدركوا جماعة ، وقد لجأت إلى كنيسة عظيمة ، فغلقت عليها بابها ، وامتنعت ، وبات عباس عليها ومسلمة وأهل العسكر قد رأوا ما كان من هزيمتهم ، ولا يدرون ما صنع العباس ومن معه ، فباتوا في هم من ذلك ، حتى أصبحوا ، ففتح الله على العباس الكنيسة عنوة ، وقفل عباس بالخيول ، فلما رأى أهل الطوانة صنع الله ، وفتحه للمسلمين ، بعث بطريقها إلى مسلمة قد رأينا فتح الله لكم ، ونحن نخيركم بين أن تخلوا سبيلي وسبيل ثلاثمائة بطريق بأهالينا وأولادنا ، ونفتح لكم المدينة بمن فيها ، وبين أن نسايركم ، فإن عندنا من الطعام والإدام ما يكفينا سنة ، وإلى سنة قد كانت لنا حال ، فأجابه إلى ذلك ، وصالحه عليه ، وفتح له المدينة ، وخلا سبيله وسبيل بطارقته ثلاثمائة ، ووجد فيها ستين ألف نفس بين صغير وكبير .
قال الوليد : وقدم رباح الغساني بالمدد والميرة ، وقد فتح الله على المسلمين(ccx[210]).
[67] ابن عائذ ، قال : قال الوليد بن مسلم : لما تأخر من تعجيل الوليد ابن عبد الملك بالمدد والميرة عليهم ، يعني جيشه الذي بعثه مع مسلمة لفتح الطوانة حتى أباح عليهم النساء ؛ فإنه قطع .. وجهز خيلا وإبلا بغالا وحميرا بالميرة وولى على الدخول به أحد بني شريك قرة من أهل قنسرين ، فسار حتى بلغ ما منعه من المضي من الثلج ، فكتب إلى الوليد يخبره بذلك ، وأن الدرب قد انغلق فلم يجد فيه منفذا ، فعزله الوليد ، واستعمل رياح الغساني ، وأمره أن يلبس الثلج بالجواميس والبقر طالي فيها حتى يأتيهم [كذا] ، أو يهلك فمضى ثم فعل ذلك (ccxi[211]) .
صفحة ٣٩