علي :
كذب! أفي ذلك شك؟ ولكنه ضروري أكثر من الصدق وأنفع. كم في هذه الدنيا من أكاذيب صريحة، ليس في الأرض من مفكر منطقي إلا وهو يرى أنها زور وتدليس، ومع ذلك فهي لازمة يعاقب المجتمع من لا يقول بصدقها ويؤمن بها ويعمل عليها. هذه الأكاذيب تتطلبها المصلحة العامة العاجلة؛ ولذلك تنفق عليها الأمم من الأموال ما لا تنفق على الصدق، بل إن أهلها، أهل هذه الأكاذيب ليكرمون في الدنيا أعظم تكريم، ممن يعلمون أنهم كاذبون مدلسون، وتعطى لهم ألقاب عريضة وأوسمة موشحة ومرتبات ضخمة هي في عين الرجل البصير أشبه شيء بالرشى، ثم تكون لهم يوم الوفاة مواكب رسمية ذات درجات في التكريم، وقد تكون لهم بعد ذلك مدافن تزار أو تماثيل تقام، ولا يكون بعض ذلك لرجل يقول كلمة الحق الكبرى.
خليل :
يا للعجب!
علي :
بل إنه ليحرم طيبات العيش في الدنيا ويرمى في الحياة بالجنون، يهينونه ويسجنونه أو ينفونه عن الديار، ويسدون عليه المسالك، وربما أحرقوه في الدنيا أو قطعوا لسانه إزراء به وإخناء عليه وتكذيبا لصدقه الناصع، كل هذا من أجل المصلحة العامة العاجلة التي يشق تحقيقها بدون هذه الأكاذيب. والزواج يا سيدتي من هذه الأكاذيب الضرورية، الأكاذيب النافعة المحترمة.
زهيرة :
أنا لا تهمني هذه المصلحة العامة، ولا تهمني الدنيا بأجمعها إذا كانت أكاذيبها النافعة تشقيني، أتريدني أن أشقى من أجل غيري! نفسي أولا وبعدي الطوفان (تنهض وتذهب إلى المقعد وتجلس عليه) .
علي :
أنت تشقين نفسك بهذه الآراء، إن المصلحة منه أكبر من الضرر الذي يشكوه كل متزوج.
صفحة غير معروفة