ولكنه كان شارعا يلتقيان فيه عند ذهابهما إلى دار الصور المتحركة، ثم يلتقيان فيه عند خروجهما منها.
وكانا يجلسان إذا دخلا تلك الدار في مكانين متجاورين، ولكنهما لا يدخلان إليها ولا يخرجان منها متجاورين، بل يرسل هو إلى نافذة التذاكر من يبتاع التذكرتين لكرسيين في مكان قلما يتغير، ثم يلقاها في ذلك الشارع، فتأخذ إحدى التذكرتين وتسبقه إلى الدار، ويظل هو بضع دقائق في بعض الأندية العامة، ثم يلحق بها إلى المكان المعروف.
وكان من عادتها أن تقارن بينها وبين بطلة الرواية إذا أحست منه إعجابا بها أو ثناء عليها، وتسأله في ذلك أسئلة ذكية خبيثة لا تسهل المغالطة في جوابها، إلا على سبيل المزاح والمداعبة.
سألته مرة وقد لمحت منه اهتماما بالروايات التي تظهر فيها إحدى الممثلات: إذا سمحت لك هذه الممثلة بقبلة ... أتقبلها منها؟
فعلم أن الجواب الجد عن هذا السؤال غير سليم العواقب، وعمد إلى العبث والمرواغة.
قال: وهل من الأدب أن أرفض قبلة تعرضها سيدة؟
قالت: دعنا من حديث الأدب فما عن هذا أسأل ... أنا أسألك عن دخيلة نفسك، أسألك عن رغبتك ... فهل ترحب بتلك القبلة إذا وجدتها؟
فعاد ثانية إلى العبث والمرواغة، وطفق يقول: أما إن كنت أمثل معها على الستار الأبيض فأنت تعلمين أن القبلة لا غنى عنها ... تلك واجبات الفن يا صديقتي، ولا تتم الفنون إلا ببعض التضحية!
قالت: أوتضحية هي؟
قال: نعم، كل قبلة غير قبلة المرأة التي يحبها الرجل هي تضحية، بل هي - إن شئت - سخرة!
صفحة غير معروفة