لك شطره، اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا، الا والله لا أقبل قولك ولا ابايعه، فقال له أبو بكر: فان لم تبايعني لم اكرهك، فقال له أبو عبيدة: يا ابا الحسن، انك حديث السن، وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالامور، ولا أرى ابا بكر الا اقوى على هذا الأمر منك، واشد احتمالا له، واضطلاعا به، فسلم له الأمر وارض به، فانك ان تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك.
فقال علي: يا معشر المهاجرين، الله الله، لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته الى بيوتكم ودوركم، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن- أهل البيت- أحق بهذا الأمر منكم، أما كان منا القاريء لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بالسنة، المضطلع بأمر الرعية، والله انه لفينا، فلا تتبعوا الهوى، فتزدادوا من الحق بعدا.
فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر، ما اختلف عليك اثنان، ولكنهم قد بايعوا.
وانصرف علي الى منزله، ولم يبايع، ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع (1) .
حدثنا احمد وقال: حدثنا ابن عفير قال: حدثنا أبو عوف عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهما، ان عليا حمل فاطمة على حمار، وسار بها ليلا الى بيوت الأنصار، يسألهم النصرة، وتسألهم فاطمة الانتصار له فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، لو كان ابن عمك سبق الينا ابا بكر ما عدلنا به، فقال علي: ا كنت اترك رسول الله ميتا في بيته لا أجهزه، واخرج الى الناس انازعهم في سلطانه.
صفحة ٦١