فقال الانصار:
والله ما نحسدكم على خير ساقه الله اليكم، ولا أحد أحب الينا ولا أرضى عندنا منكم، ولكنا نشفق فيما بعد هذا اليوم، ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم، فلو جعلتم اليوم، رجلا منكم بايعنا ورضينا، على انه اذا هلك اخترنا واحدا من الأنصار، فاذا هلك كان آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الامة، كان ذلك أجدر ان يعدل في امة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيشفق الانصاري ان يزيغ فيقبض عليه القرشي، ويشفق القرشي ان يزيغ عليه الأنصاري.
فقام أبو بكر: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). لما بعث عظم على العرب ان يتركوا دين، فخالفوه وشاقوه، وخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والايمان به، والمواساة له، والصبر معه على شدة أذى قومه، ولم يستوحشوا لكثرة عددهم، فهم اول من عبد الله في الأرض، وهم أول من آمن برسول الله، وهم اولياؤه وعترته، وأحق الناس بالأمر بعده، لا ينازعهم فيه الا ظالم، وليس أحد بعد المهاجرين فضلا وقدما في الاسلام مثلكم، فنحن الامراء وانتم الوزراء، لا نمتاز دونكم بمشورة، ولا نقضى دونكم الامور (1) .
فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال:
يا معشر الأنصار: املكوا عليكم أيديكم، انما الناس في فيئكم وظلكم، ولن يجترىء على فلانكم، ولا يصدر الناس إلا عن امركم، انتم أهل الايواء والنصرة، واليكم كانت الهجرة، وانتم أصحاب الدار والايمان، والله ما عبد الله علانية الا عندكم وفي بلادكم، ولا جمعت الصلاة الا في مساجدكم، ولا عرف الايمان الا من أسيافكم، فاملكوا عليكم أمركم، فان أبي هؤلاء فمنا أمير ومنهم أمير (2) .
صفحة ٥٧