وقالت لنفسها وهي عابسة محاولة أن تجد شيئا من الارتياح في هذه العبارة المبتذلة: «لقد فعلتها وقضي الأمر! ما أسخف هذا كله! لقد أردت ذلك فكان ما أردت. وأحسست بسعادة يا لها من سعادة! وكان من الحمق أن لا استمتع وقد سنحت لي الفرصة. إلا أنه لا ينبغي لي أن أفكر في الأمر. فما من حيلة فيه الآن.»
وابتعدت في تثاقل عن النافذة وشرعت تخلع ثيابها تاركة إياها تنزل عن جسمها إلى الأرض وقالت وقد أرعشها برد الليل لما أصاب كتفيها وذراعيها العارية: «إن الإنسان على كل حال لا يحيا إلا مرة. وماذا كان ينفعني أن أنتظر حتى أتزوج زواجا شرعيا؟ ماذا كان يفيدني هذا؟ سيان هذا وذاك، فماذا هناك مما يزعج؟»
وخيل إليها فجأة أنها بهذه المخاطرة اعتصرت كل لذاذة ومتعة وخير، وأنها قد صارت الآن حرة كالطير وأنها مقبلة على حياة حافلة بالحوادث مليئة من السعادة واللذة.
سأحب إذا شئت. وإذا لم أشأ لم أعشق!
هكذا غنت نفسها بصوت خافت وفي ذهنها أن صوتها خير من صوت سينا كرسافينا وأحلى. «كل هذا كلام فارغ! وإن لي إذا شئت أن ألقي بنفسي في أحضان الشيطان نفسه!»
وكذلك كانت ترد على ما يخالجها من الخواطر وذراعاها العاريتان فوق رأسها وثدياها يهتزان.
وحمل النسيم إليها صوت سانين يقول لها من وراء النافذة: «ألم تنامي يا ليدا؟»
فتراجعت ليدا فزعة ثم سترت كتفيها بوشاح وهي تدنو من النافذة باسمة وقالت: «لقد أفزعتني والله!»
فدنا منها سانين واتكأ بذراعيه على حافة النافذة وكانت عيناه تلمعان وثغرة يفتر وقال مداعبا لها: «لم تكن ثم من حاجة إلى هذا.»
فتلفتت ليدا حولها وعاود الكلام بصوت منخفض مؤثر فقال: «لقد كنت بغير هذا الوشاح أجمل.»
صفحة غير معروفة