183

وأتم فلوتشين كلامه فقال: «إن الذي يجعل للحياة قيمة ... هو المرأة الجميلة. وما ظنك بالنساء في المدن الكبرى؟ آه لو ترينهن! وصدقيني إني مقتنع بأنه لن ينقذ الدنيا ويخلصها - إذا كان شيء من ذلك مقدورا لها - سوى الجمال.» ولم يكن يريد أن يقول هذا ولكنه نطق به فجأة لظنه أنه أليق ما يكون، وكانت لمحة وجهه ناطقة بالغباء والشره، وهو يكر في حديثه إلى موضوع المرأة الذي لم يكن أشهى منه عنده. وكان سارودين يحمر تارة ويصفر أخرى من الغيرة فلم يطق الجلوس في مكان واحد فنهض وجعل يتمشى وقال فلوتشين: «إن نساءنا كلهن سواء، كل واحدة منهن صورة طبق الأصل من الأخرى، فمن طلب امرأة يستحق جمالها العبادة فليذهب إلى الأقاليم حيث الأرض بكر تخرج آنق الأزهار.»

فحك سانين قفاه ووضع إحدى رجليه فوق الأخرى.

فقالت ليدا: «وما خير أن تنفتح هذه الأزهار هنا إذا لم يكن ثم من هو أهل لقطفها؟»

فاهتم سانين فجأة وقال لنفسه: «آها! أهذا ما تقصد إليه.» والتذ هذا التلاعب بالألفاظ.

فسألها فلوتشين: «أهذا ممكن؟»

فأجابته ليدا بحرارة: «نعم هو كذلك! وإني لأعني ما أقول من الذي يقطف أزهارنا السيئة الحظ؟ ما هؤلاء الرجال الذين نحسبهم أبطالا؟»

فسألها سارودين: «ألا تظنين أنك قاسية علينا في هذا الحكم ؟»

فقال فلوتشين: «كلا! إن ليدا بتروفنا مصيبة!» ونظر إلى سارودين فانقطع تيار فصاحته، فضحكت ليدا ضحكا عاليا وأثارت نظرها إلى سارودين، وقد امتزجت في نفسها عواطف الخجل والأسى والانتقام، وعاد فلوتشين إلى الكلام وجعلت ليدا تقاطعه بالضحك لتخفي دموعها.

فقال سارودين: «أظن أن الوقت قد أزف فلنقم.» وأحس أن الموقف لا يحتمل ولم يكن يدري لماذا. ولكن كل شيء - ضحك ليدا ونظراتها الساخرة واضطراب يديها - كان له وقع اللكم على الأذن وأضناه بغضه المتزايد لها وغيرته من فلوتشين وشعوره بما فقد فسألته ليدا: «بهذه السرعة؟»

فافتر ثغر فلوتشين ولحس شفتيه بطرف لسانه وقال بلهجة المتهكم وقد زهاه انتصاره: «لا حيلة لنا. إن فيكتور سارودين على ما يظهر متغير.»

صفحة غير معروفة