فأجابته بصوت الآمر: «لا أريد أن أعرف شيئا.» وأغمضت عينيها فأحدث وجودها تأثيرا غريبا في نفس فلوتشين فبرز لسانه الصغير الحاد من بين شفتيه الجافتين وصغرت عيناه واهتز كيانه. وقالت ليدا لسارودين: «لقد نسيت أن تعرف بعضنا ببعض.»
فتمتم: «فلوتشين بافل لفوفتش.» وقال لنفسه: «وهذه الجميلة كانت عشيقتي.»
والتذ هذا الخاطر وأراد أن يتظاهر أمام فلوتشين بغير الواقع وإن كان قد أمضه الشعور بخسارته التي لا تعوض.
فقالت ليدا لأمها في فتور: «إن أناسا يريدون أن يقابلوك.»
فأجابت ماريا إيفانوفنا: «لا أستطيع الذهاب إليهم الآن.»
فألحت ليدا: «ولكنهم ينتظرون.»
فنهضت ماريا إيفانوفنا مسرعة وراقب سانين أخته وقالت هذه: «ألا تذهبون إلى الحديقة؟ إن الجو هنا حار لا يطاق.» ومضت الحديقة دون أن تتلفت وراءها.
وكأنما سحرتهم فتبعوها، وكأنما كانوا مقيدين إليها بخصل شعرها، فلو شاءت لجرتهم إلى حيث راقها، وكان أسبقهم فلوتشين الذي سباه حسنها ونسي كل ما عداه.
وجلست ليدا على كرسي هزاز تحت شجرة الزيزفون، ومدت قدميها الصغيرتين الجميلتين في جوربيها الشفافين الأسودين وحذائيها القصيرين، وكأنما كانت لها طبيعتان؛ إحداهما كلها أدب وخجل، والثانية كلها إحساس بنفسها وحسن دلالها. وكانت الأولى تغريها باستفظاع الرجال والحياة ونفسها.
ثم قالت وهي مطرقة: «والآن يا فلوتشين أي أثر كان لبلدتنا الصغيرة الفقيرة النائية في نفسك؟»
صفحة غير معروفة