153

ثم قال لها: «إني الآن أحب.» فسألته: «وتحب من؟» وأشفقت أن تسمع الجواب وإن كانت على يقين منه.

فأجابها يوري: «أحبك أنت.»

وحاول عبثا أن يقول ذلك بلهجة المازح وهو مائل إليها يحدق في عينيها المؤتلقتين وكانتا ناطقتين بالدهشة والانتظار، واشتاق يوري أن يعانقها ولكن شجاعته خانته مرة أخرى فتظاهر بأنه يعالج بأن يكتم الثؤباء.

فحدثت سينا نفسها «إنه إنما يمزح» وخمدت في نفسها الحرارة، وآلمها هذا التردد من يوري وأرادت أن ترد الدموع فقرضت أسنانها ثم قالت بلهجة غريبة: «هذا كلام فارغ .»

ونهضت فقال يوري بجد غير طبيعي: «إني جاد جدا. صدقيني فإني أحبك حبا طاغيا.»

فتناولت كتبها ولم تنبث وسألت نفسها: «لماذا يتكلم على هذا النحو؟ لقد أريته أني أعنى به فلما بدا له هذا أخذ يحتقرني.»

فانحني يوري ليلتقط كتابا سقط وقالت له هي ببرود: «لقد آن أن أذهب إلى البيت.»

فأحزن يوري أنها تريد العود إلى بيتها في هذه اللحظة، ولكن رأى أنه قام بدوره على أحسن وجه وأنجحه وأنه لم يصنع شيئا مبتذلا ثم قال بصوت مؤثر: «إلى الملتقى.»

فمدت إليه يدها فأسرع فانحنى ولثمها ففزعت سينا وانفرجت شفتاها عن صيحة خافتة وقالت: «ماذا تصنع؟»

ولم تكد شفتاه تلمسان يدها الرخصة الصغيرة ولكن صدره جاش مع ذلك حتى لم يسعه أكثر من الابتسام الخفيف وهي تسرع نائية عنه، ثم ما لبث أن سمع صوت بابها ولم تفارقه هذه الابتسامة السخيفة وهو ماض إلى بيته وراح يحس القوة في جسمه والغبطة في قلبه.

صفحة غير معروفة