أجاب الأول بسرعة: امتحان إدارة الأعمال في السنة الثالثة بالكلية، مادة الدكتور مصطفى عبد القادر، وقد انتقلت إلى السنة الرابعة وأنا راسب في هذه المادة.
تسمرت حدقتا عيني الثاني واكتسى وجهه بالرعب ثم قال في نبرة منهارة: لا يعلم أي مخلوق شيئا عن هذه الحادثة! لم أحك عنها لأحد قط حتى إنني اعتقدت أنني نسيتها! في البيت أخفيت عن أبي وأمي القصة كلها، حتى الزملاء لم يروا ما حدث لأنني كنت في آخر صف من القاعة ولم تصدر المعيدة التي ضبطتني أي صوت عندما سحبت مني الورقة. لقد تظاهرت يومها بمغادرة اللجنة طواعية كأنني انتهيت من الإجابة. استغرب الزملاء فقط خروجي مبكرا، وأفهمتهم فيما بعد أنني لم أكن أجد ما أكتبه. لكن لم يعرف أي منهم شيئا عن حادثة الغش!
كان الأول يستمع وهو في حالة بين الذهول والحيرة، كان ما يقوله الثاني صحيحا، وكانت التفاصيل التي ذكرها دقيقة ولا يعلمها غيره، أو غيرهما، لا يعلمها إلا ياسين عمران وحده بالتأكيد. - حسنا، وفريدة؟
قالها الثاني فجأة وكأنما تذكر أمرا هاما. رفع الأول رأسه إليه متطلعا في حيرة بالغة ثم أجاب: نعم صحيح! كيف لم أنتبه لذلك؟! لا يمكن أن تكون أنت أيضا قد تزوجت فريدة! إذن ماذا عن أطفالي هؤلاء! أبناء من يك...
قاطعه الثاني في حدة لا تخلو من عصبية: ماذا؟! أنت تزوجت فريدة؟!
أجاب الأول في حيرة بادية: ما ... ما الذي يعنيه هذا؟ أليس المفترض أننا واحد؟
أجاب الثاني في نفس الحيرة مع مسحة من الأسى: أنا لم أتزوج فريدة! بل إنني لم أرها قط منذ آخر لقاء لنا في العجمي! يوم ذلك الحفل على شاطئ بيانكي قبل سنوات طويلة. كيف تزوجتها أنت إذن؟! ومتى؟
وضع الأول كفيه على رأسه كأنما يمنعه من الانفجار، ثم قال محاولا التمسك بما بقي له من هدوء: أنا تزوجت فريدة بعد لقاء العجمي ذلك بسنتين تقريبا، لا ... سنتان بالضبط. ألم يكن ذلك اللقاء يوم ذكرى مولدها؟ لقد تزوجنا في ذكرى مولدها كذلك لكن بعد ذلك اليوم بسنتين! لكن، كيف يكون ذلك؟ ألم تكن أحداث حياتنا متطابقة؟! ألم تتزوج أنت؟
رد الثاني وقد تحولت مسحة الحزن في نبرة صوته إلى الصدمة: بلى تزوجت بعد ذلك اللقاء بخمس سنين، لكنني تزوجت امرأة أخرى وأنجبت منها بنتين.
أجاب الأول: أما أنا فطلقت فريدة؛ انفصلنا بعد زواج دام سبع عشرة سنة، أنجبت لي ولدين وبنتا.
صفحة غير معروفة