ذكر أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في كتابه مروج الذهب ومعادن الجواهر (1) قال : ذكر جماعة من أهل العلم والنظر والبحث الذين وصلوا الغاية بتأمل شأن هذا العالم وبدئه : أن الهند كانت (قديما كزمان الغرة) (2) التي كان بها الصلاح والحكمة ، فإنه لما تجيلت الأجيال وتحزبت الأحزاب حاولت الهند أن تضم المملكة ، وتستولي على الحوزة ، وتكون الرئاسة فيها فقال كبراؤهم : نحن أهل البدء وفينا التناهي ، ولنا الغاية والصدور ، والانتهاء. ومنا سرى الأب إلى الأرض فلا ينازعنا أحد موقفا ، ولا عاندنا وأراد بنا الاغماض إلا أتينا عليه وأبدناه ، أو يرجع إلى طاعتنا ، فأزمعت على ذلك ، ونصبت لها ملكا وهو البرهمن الأكبر والملك الأعظم ، والإمام المقدم. ظهرت في أيامه الحكمة ، وتقدمت العلماء ، واستخرجوا الحديد من المعادن ، وضربت في أيامه السيوف والخناجر ، وكثير من أنواع المقاتل ، وشيد الهياكل ورصعها بالجواهر المشرقة المنيرة ، وصور فيها الأفلاك والبروج الاثني عشر والكواكب (وبين كيفية صورة العالم ، وأورد أيضا بالصورة) (3) أفعال الكواكب في هذا العالم واحداثها للأشخاص الحيوانية ، وبين حال المدبر (4) الذي هو الشمس ، وأثبت كتابا في براهين جميع ذلك ، وقرب إلى عقول العوام فهم ذلك ، وغرس في نفوس الخواص دراية ما هو أعلى من ذلك وأشار إلى المبدئ الأول المعطي سائر الموجودات وجودها ، الفائض عليها بجوده. وانقادت له الهند وأخصبت بلادها ، وأراهم مصالح الدنيا ، وجمع الحكماء فأحدثوا في أيامه كتاب السند هند وتفسيره دهر الدهور ، ثم عمل منهما بعد ذلك الزيجات ، وأحدثوا الأحرف التسعة المحيطة بالحساب الهندي. وكان أول من تكلم في أوج الشمس ، وذكر أنه يقيم في كل برج ثلاثة آلاف سنة ، وأنه إذا انتقل في البروج الجنوبية انتقلت العمارة ، فصار العامر
صفحة ٢٢٣