السلفيون وقضية فلسطين في واقعنا المعاصر
الناشر
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
مكان النشر
فلسطين
تصانيف
أيها السادة! قد أكون أصغر سنًا من أكثركم، وأظنني أقلّكم جميعًا علمًا ومعرفة، ولكني أطمع في تواضعكم إذا قمت في حضرتكم بواجب النصيحة للمسلمين؛ ليكون ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين.
إنكم تمثّلون أُمة الإسلام، أُمة واحدة عربية، لا تفرق بينَها فوارق الجنسية، الأعجمي المسلم عربي الدين واللسان، والعربي عربي مسلمًا كان أو مسيحيًا، وسِمة هذه الأمة عند الله العزة: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨]، وإنكم تناوئون أمة قد ضربها الله بالذل والصَّغار، وضمن لكم النصر عليهم وإن استنصروا بسائر أمم الأرض: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾، فلا تعطوهم من أنفسكم ما لا مطمع لهم فيه وإن بلغوا أسباب السماء.
إن هؤلاء الأذلاء كتب الله عليهم الجلاء، فقد أجلاهم النبي s عن المدينة وأرباضها، ثم جلاهم الفاروق عن الحجاز، ثم سكت عنهم المسلمون، بل حموهم حين رأوهم مضطهدين مستضعفين، فلما عادوا سيرتهم من البغي والعدوان، أعادهم الله سيرتهم من الجلاء، فجلاهم الألمان والطليان عن بلادهم، وستكون عاقبة أمرهم -إن شاء الله- أن يجليهم المسلمون عن كل بلاد الإسلام.
إن أُوربة لم تتمكن من دول الإسلام في فترة ضعفهم إلا حين أرهبتهم بغُول التعصّب، حتى صار كل مسلم يتخاذل عن دينه وعن شريعته، خشية أن يُتَّهم بالتعصب، ثم ألقَتْ بينهم بدعة القوميات؛ لتفتنهم عن وحدتهم وقوّتهم.
وإني ليُلقى في روعي أن سيكون مؤتمركم هذا فاتحة لعشرات من أمثاله، تبنون فيه حصن الإسلام، وتذودون عن حوضه، حتى تعود هذه الأمة أُمة واحدة -كما أمرها الله-.
ولا تخافوا تهمة التعصب التي يريدون أن يصلوا من ورائها إلى ما
1 / 84