كان لزاما على كل الذكور أداء الخدمة العسكرية بعد الانتهاء من المدرسة الثانوية ما لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة أو يحصلوا على إعفاء رسمي من الحكومة لأسباب طبية أو لأي سبب آخر، وكان والد أرام قد حصل لابنه على إعفاء من الخدمة العسكرية، لأن شقيقه استشهد وهو الابن الوحيد لوالديه، وهكذا لم يكن يتعين عليه الذهاب إلى الحرب، لأن عائلته ضحت بأحد أبنائها بالفعل. المفارقة هنا أن شقيق أرام المتوفى هو من أنقذ حياته؛ وهكذا أصدرت الحكومة جواز سفر لأرام وسمح له قانونا بمغادرة البلاد. •••
اتصلت بي سارة ذات يوم في نوفمبر من عام 1981 وأخبرتني أنها تود رؤيتي في الحال. كان صوتها يرتجف، ولكنها رفضت إخباري بالمزيد عبر الهاتف، فركضت إلى منزلها ووجدتها تنتظرني أمام الباب. لم يكن والداها وشقيقها بالمنزل، فاصطحبتها إلى غرفتها واستلقت على فراشها. كانت عيناها حمراوين متورمتين من أثر البكاء.
أخبرتني سارة أنه منذ يومين ذهب الحرس الثوري إلى منزل جيتا لإلقاء القبض عليها، ولكنها لم تكن في المنزل فألقوا القبض على أمها وشقيقتيها وأخبروا والدها أنه لو لم تسلم جيتا نفسها في غضون أسبوع فسيعدمون إحدى شقيقتيها، وهكذا ذهبت جيتا إلى «إيفين» وسلمت نفسها كي يطلقوا سراح أمها وشقيقتيها. - «مارينا ... تعرفين كم هي عنيدة. سيقتلونها، فهي لا تمسك لسانها. وعلى الأرجح سوف يحين دورنا. مؤكد أن سيرس هو التالي، لكنه يقول إن كل من جاهر بانتقاد الحكومة معرض لخطر الاعتقال.»
كان سيرس محقا؛ كنت أعرف أنهم سوف يأتون للقبض علينا عاجلا أم آجلا، فلديهم أسماؤنا وعناويننا. لم أكن قد أخبرت أحدا بأمر القائمة لأنني لم أكن أعلم بقية الأسماء بها، ولم أرغب في إثارة ذعر الآخرين أو جلب المشاكل لباهمان خانم. - «نعم، على الأرجح سيحين دورنا في المرة القادمة. إنها مسألة وقت لا أكثر، وليس بوسعنا فعل أي شيء. لا يمكننا الهرب، فسوف يلحقون الأذى بآبائنا إن فعلنا.» - «ولكن لا يمكننا الجلوس والانتظار.» - «ماذا تريدين أن تفعلي؟» - «يمكنني على الأقل أن أخبر والدي.» - «سوف يصيبهما الذعر، ولن يكون بوسعهما فعل أي شيء ما لم تتمكنوا جميعا من الاختفاء. إذا أخبرت والدي فلن يأخذا كلامي على محمل الجد. هدئي من روعك، فلا يمكن أن يكون الأمر بهذا السوء؛ هناك قدر من المبالغة حتما. نحن لم نفعل شيئا، لكن جيتا متورطة مع جماعتها، فلم يشغلون أنفسهم بنا؟» - «أحسبك على حق، علينا ألا نشعر بالذعر، فنحن لم نفعل شيئا.»
الفصل الخامس عشر
بعد أن عرض علي الزواج بي أعادني مجددا إلى «246». أحاطت بي صديقاتي فور أن دخلت الغرفة، وأردن معرفة ما حدث، فأخبرتهن بأن عليا عاد وأراد معرفة أخباري فحسب. أدركت من النظرة التي علت وجوههن أنهن لم يصدقنني. كن يشعرن بالقلق علي، لكن لا تستطيع إحداهن مساعدتي.
لم أرغب في إخبار رفيقات الغرفة بأمر عرض الزواج، فقد شعرت بالإثم والخجل؛ لقد عرضت أندريه ووالدي للخطر، ولم يكن لدي شك في جدية تهديدات علي، وهكذا علي أن أوافق على ما يطلبه مني.
تذكرت اللحظة التي قبلت فيها أراش، كان أروع شعور في العالم لأني أحببت أراش. هل سيقبلني علي؟ مسحت فمي بكمي، وتصبب العرق البارد من جسمي .
كانت ترانه قد قالت لي: «يمكنهم أن يقتلوني إذا أرادوا، لكني لا أريد أن أتعرض للاغتصاب.»
مع أنني لم أكن أعرف معنى الاغتصاب تحديدا، فقد أقنعت نفسي أن هذا ليس اغتصابا، فعلي يرغب في أن يتزوجني. حسنا، لا بأس في ذلك ... كلا ... لم أفكر في هذا الأمر من الأساس؟ لا خيار لي سوى الموافقة.
صفحة غير معروفة