لم يسأل «إيزولو» عن التفاصيل، لكنه كان مدركا أن «أوفيدو» وراء ما حدث .. لقد قال مرارا إن «أوفيدو» هذا ليس إنسانا، ولا يستحق أن يكون رفيقا لابنه، وكثيرا ما قال ل «أوبيكا» إن مثل ذلك الشخص ليس صديقا مناسبا لأي إنسان يريد أن يفعل شيئا في حياته. لكن «أوبيكا» لم يكترث، وظل متمسكا بصداقة «أوفيدو»، حتى أصبح الاختيار بينهما كالاختيار بين جوز النخيل الغض والجرن المكسور.
كانا يمشيان في هدوء في طريقهما للحاق بالمجموعة حين شعر «أوبيكا» بضربات في رأسه، كان رأسه كأنه مخدر بندى الليل، لكن الحركة في المشي جعلته في حال أفضل بينما كان الإحساس بالخدر يعاوده من حين لآخر.
أبصر «أوبيكا» و«أوفيدو» بداية الطريق الجديد، الذي بدا مثل طلوع النهار بعد ليل حالك.
قال «أوفيدو»: ماذا يكون ذلك الشيء الذي قدمه لنا «مادوكا» بالأمس؟
كان هذا السؤال أول حديث بينهما عن حادثة الأمس، ولم يجب «أوبيكا»، ولكنه تأوه، فاستطرد «أوفيدو»: لم يكن نبيذا عاديا، وأعتقد أنه كان ممتزجا ببعض العشب .. لقد كنا أغبياء حين تبعنا ذلك الرجل الخطير إلى بيته .. هل تتذكر أنه لم يشرب قدحا واحدا؟
كان «أوبيكا» ما زال صامتا. - لن أدفع له ثمن ما شربنا.
قال «أوبيكا» مندهشا: ومن قال لك أن تدفع؟ .. إن كل ما حدث بالأمس كان مجرد كلمات على شرف الخمر.
وصلا إلى جانب من الطريق يبدو فيه المرء مفقودا، مثل حبة من الذرة في حقيبة فارغة من جلد الماعز، حين أمسك «أوبيكا» بالفأس في يده، بعد أن شعر بكامل يقظته.
لم يكن الطريق يؤدي إلى الجدول أو السوق، فلم يقابلا كثيرا من القرويين سوى بعض النسوة اللاتي يحملن حطب الوقود، وعند اقترابهما من شجرة الإيجبو القديمة البالية سمعا بعض الأغاني والثرثرات.
قال «أوبيكا»: ما هذا الذي أسمعه؟ - كنت على وشك أن أسألك .. إن أصواتهم تشبه تلك الأصوات التي يغنون بها في المآتم.
صفحة غير معروفة