توقف لحظة قليلة ثم استطرد: مهمة عاجلة وهامة. نعم، إن الضفدعة لا تجري إلا إذا كان ثمة شيء وراءها. لا أريد أن أكون سببا في تأخير مهمتك، ولكن يجب أن أقدم لك قطعة من جوز الكولا.
لا داعي لأي شيء، ولا تقلق نفسك؛ فربما نعود فور الانتهاء من مهمتنا. إنه عبء كبير يثقل رءوسنا، ولن نستطيع أن نفهم ما نقول قبل إزاحة هذا العبء.
أعرف ما تعني - ها هي قطعة من الصلصال الأبيض - دعني أوافقك، ولنترك قطعة الكولا حتى تعود.
أسرع «أدوزو» إلى حجرته الداخلية، وعاد حاملا حقيبته المصنوعة من جلد الماعز ، وقال: سوف أصحبك إلى الرجل الذي يتلقى رسالتك.
مضوا خلفه في الطريق بهدوء .. عبروا السوق الكبير المكدس بالناس، وكان موسم النبات وكثير من الناس في السوق يحملون سلالا كبيرة تحوي بذور اليام، وآخرون يحملون الماعز في سلال كبيرة أيضا، ورجل ما يمسك بدجاجة. أما النساء وكان بعضهن قد جئن من أماكن بعيدة، فكن يتحدثن بصوت عال كلما تجمعن في مكان ما؛ فقد أصابهن التعب والإجهاد، وظللن صامتات، بينما لم يجد «أكوكاليا» صعوبة في التعرف على أواني المياه التي يحملنها فوق الرءوس.
كان غيابه عن موطن أمه ثلاث سنوات قد جعله يشعر بعاطفة غريبة تجاه هذه الأرض - التي تساءل يوما ما وهو صغير عن لونها الأبيض - بينما الأرض في «أوموارو» بلون أحمر بني، فأجابته أمه يومئذ بأن ذلك يعود إلى أن الناس في «أوكبيري» يغتسلون كل يوم، وكانوا على قدر كبير من النظافة بينما في «أوموارو» لا يقربون الماء إلا يومين أو ثلاثة في الأسبوع.
كانت أمه امرأة شديدة القسوة، وتتوق دائما إلى العراك معه، لكنه يحس الآن عاطفة قوية تجاه هذه الأرض وتجاه أمه.
وصل «أدوزو» مع زواره الثلاثة إلى بيت «أوتيكبو» مناديا «أوكبيري»، الذي كان جالسا في كوخه يقوم بإعداد حبات اليام للسوق. قدم التحية لزواره مناديا «أدوزو» باسمه، ومرحبا ب «أكوكاليا» قائلا: ابن ابنتنا. ثم صافح الاثنين الآخرين.
كان «أوتيكبو» طويلا وقويا وذا أكتاف عريضة، ولم يزل يبدو مثلما كان في شبابه عداء كبيرا .. دلف إلى الحجرة الداخلية وعاد بحصيرة ملفوفة يضعها فوق السرير الطيني للزوار .. دخلت فتاة صغيرة وهي تنادي: أبي .. أبي. - اذهبي بعيدا يا «أوجيانج» .. ألا ترين؟ - ضربني «ويك»، لقد صفعني يا أبي. - سأجلده فيما بعد، قولي له إنني سأجلده.
قال «أدوزو»: هيه .. «أوتيكبو» .. دعنا نخرج من هنا لنتحدث قليلا؛ فإنهم في عجلة من أمرهم ولن يبقوا طويلا .. أرجو أن تأتي ببعض جوز الكولا في الطاسة الخشبية.
صفحة غير معروفة