113

عاد المبعوثان من «أوموارو» حاملين ردا مليئا بالإهانة من «إيزولو»، ذلك الكاهن المعبود، مما أصاب كابتن «وينتربوتوم» بالغيظ والسخط، فقام على الفور بتوقيع طلب بالقبض عليه، وأصدر تعليماته لاثنين من رجال البوليس أن يذهبا إلى «أوموارو» في الصباح وإحضاره، ثم قال ل «كلارك»: اسجنه فور وصوله في حجرة الحراسة؛ فلست راغبا في رؤيته حتى أعود من «إنوجو». وأثناء ذلك الوقت سيتعلم أساليب جيدة في التعامل مع القيادة، كما سيعرف المواطنون جميعا كيفية التعامل معنا.

في الصباح الباكر عندما قبض اثنان من رجال البوليس على «إيزولو» تدهورت صحة الكابتن «وينتربوتوم»، وراح في نوبة هذيان، ولم يكن مفهوما مما يقول سوى أن قدميه باردتان، طلب إناء من الماء الساخن فسارع الخولي بتسخين بعض الماء، ووضعه في زجاجة من البلاستيك فوق قدم الرجل.

صرخ «وينتربوتوم» قائلا: إنها ليست ساخنة بما يكفي.

صب الخولي الماء المغلي، غير أن ذلك أيضا لم يكن ساخنا بما يكفي، فراح يغير الماء بين الحين والآخر، لكن الكابتن لم يتوقف عن الشكوى.

لم يكن «توني كلارك » يعرف قيادة السيارات، فاتصل ب «واد» لمصاحبة الكابتن في سيارته الفورد القديمة إلى المستشفى الذي يبعد ستة أميال .. ازدادت حالة القدمين سوءا، ولم يكتشف أحد ذلك إلا في اليوم التالي في المستشفى.

كان «كلارك» و«واد» مندهشين، وأصابهما الارتباك عند رؤية «ماري سافاج»، تلك الطبيبة الصارمة التي تعمل لحساب المستشفى، وقد انهمرت منها الدموع، وأصابها الذعر عند وصول كابتن «وينتربوتوم»، وكانت تردد: توم .. توم.

كانت تتصرف وكأنها غير طبيبة، ولم يتملكها الذعر مدة طويلة؛ إذ سرعان ما تمالكت نفسها وسيطرت على الموقف .. كانت الطبيبة «سافاج» معروفة لدى الممرضات القوميات والخدم في المستشفى وفي القرية بأنها «أوميسيك»؛ أي تلك التي تمثل القوة، ولم يكن من المتوقع أبدا أن تبكي أمام مريض حتى لو كان هذا المريض هو زوجها كابتن «وينتربوتوم».

استمر هذيان «وينتربوتوم» ثلاثة أيام، لم تغادره فيها «سافاج» إلا نادرا حتى إنها أرجأت العمليات التي تقوم بها كل أربعاء .. كان يوم الأربعاء معروفا في أرجاء القرية بيوم تقطيع الأمعاء ودائما ما كان يتسم بالحزن .. كانوا يقيمون سوقا خارج أبواب المستشفى لإمداد المرضى بما يحتاجون، وكان عدد النساء في ذلك السوق يفوق عددهن بقية الأيام، ومن الملاحظ أيضا أن السماء في يوم الموت ذلك كانت تبدو وكأنها حزينة وكئيبة.

تفحصت «سافاج» قائمة العمليات، وسعدت بعدم وجود حالات عاجلة، ثم قررت تأجيل كل الحالات إلى يوم الجمعة. كانت حالة الكابتن «وينتربوتوم» تتحسن ببطء شديد، وكان الأمل ضعيفا، وكل شيء يتوقف على مهارة التمريض لمساعدته في التغلب على حالته الحرجة، التي سيتم التعرف على نتيجتها في اليوم التالي أو الذي يليه.

كان الكابتن مقيما في جناح خاص بمفرده، ولم يكن مسموحا لأحد بزيارته سوى الطبيبة «سافاج» وأختها الأوروبية الوحيدة.

صفحة غير معروفة