صحابة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأسمائهم وكناهم ومبالغ أنسابهم ومبالغ أعمارهم، ووقت وفاة كل إنسان منهم، والموضع الذي كانت به وفاته. ثم متبعهم ذكر من كان بعدهم من التابعين لهم بإحسان، علي نحو ما شرطنا من ذكرهم. ثم ملحق بهم ذكر من كان بعدهم من الخلف لهم كذلك، وزائد في أمورهم للإبانة عمن حمدت منهم روايته، وتقبلت أخباره، ومن رفضت منهم روايته ونبذت أخباره، ومن وهن منهم نقله، وضعف خبره. و [ما] السبب الذي من أجله نبذ من نبذ منهم خبره، والعلة التي من أجلها وهن من وهن منهم نقله.
وإلى الله عز وجل أنا راغب في العون علي ما أقصده وأنويه، والتوفيق لما ألتمسه وأبغيه؛ فإنه ولي الحول والقوة، وصلى الله علي محمد نبيه وآله وسلم تسليما.
وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه؛ إنما هو علي ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه، والآثار التي أنا مسندها إلي رواتها فيه، دون ما أدرك بحجج العقول، واستنبط بفكر النفوس، إلا اليسير القليل منه، إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين، وما هو كائن من أنباء الحادثين، غير واصل إلي من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم؛ إلا بإخبار المخبرين، ونقل الناقلين، دون الاستخراج بالعقول، والاستنباط بفكر النفوس. فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة، ولا معنى في الحقيقة، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا؛ وإنا إنما أدينا ذلك علي نحو ما أدي إلينا (¬1).
(1: 3/ 4 / 5/ 6 / 7/ 8).
القول في الزمان ما هو
قال أبو جعفر: فالزمان هو ساعات الليل والنهار، وقد يقال ذلك للطويل من المدة والقصير منها، والعرب تقول: أتيتك زمان الحجاج أمير، وزمن الحجاج أمير -تعني به: إذ الحجاج أمير. وتقول: أتيتك زمان الصرام [وزمن الصرام]-
صفحة ١٥٨