صحيح السنة بين أهل السنة والسنة
تصانيف
والذي يدل على ذلك ما جاءت به السير والأخبار من قصة بعث أسامة حين أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار، منهم: أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأمره أن يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد، وأن يغزو وادي فلسطين، فتثاقل ذلك الجيش وتراجعوا، وطعنوا في تأميره صلى الله عليه وآله وسلم أسامة عليهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضبا شديدا حتى خرج وهو مريض قد عصب على رأسه مدثرا بقطيفة، محموما ألما، وكان ذلك يوم السبت العاشر من ربيع الأول قبل وفاته بيومين.
فصعد المنبر، فحمد الله وأنثى عليه، م قال: ((أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم الله إنه كان لخليقا بالأمارة، وأن ابنه من بعده لخليق بها، وحضهم على المبادرة إلى السير))، ورجع إلى منزله صلى الله عليه وآله وسلم وثقل في مرضه، وجعل يقول: ((جهزوا جيش أسامة، أرسلوا بعث أسامة)) يكرر ذلك وهم متاقلون، ودخل عمر وأبو عبيدة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزله، وهو يجود بنفسه فتوفي صلى الله عليه وآله وسلم راجع طبقات ابن سعد، وسيرة الحلبي، والدحلاني، وغيرها من السير.
وهذه القصة كسابقتها تدل على تبييت الصحابة بما فيهم أبو بكر وعمر للإستيلاء على الخلافة، وإن كان في ذلك ما كان.
فإن قالوا: إن الصحابة حين رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مرض شديد خافوا إن ساروا في ذلك البعث ثم يموت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم غائبون عن عاصمة الإسلام أن يتدهور أمر الإسلام، وأن يغتنم المنافقون الفرصة.
صفحة ٢