ثم ذبل استدلاله بقوله الساخر: ولكن هكذا فليكن الإجتهاد لتقويم البدع، ثم قال كانيا ومشيرا إلى عظم المصيبة بكتاب الأزهار: فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونحن نقول: أبعد الله اجتهادا يقوم على الأوهام والحدس، وقد كنت قبلا أتعاظم في نفسي الحسن الجلال فلما رأيت استدلاله هذا الذي لاينبغي تصطيره، ولا لعاقل تحريره وإخراجه مخرج الدليل القاطع الذي يحسب الجلال أنه قد هد به ذلك الفصل، وأن ما خالف دليله محكوم عليه بالإبتداع، وأنه مستحق للسخرية والإستهزاء، وإنها مصيبة ينبغي الإسترجاع عندها.
ثم نقول: إن الجلال قد تناقض كلامه، فقال أولا قبل هذا الفصل: إنه يجوز تقليد الفاسق تصريحا، واستدل بما لايفيد، وقال أيضا بجواز تقليد كافر التأويل وفاسقه، ثم فند أولوية أئمة أهل البيت، وربط الأولوية بشهرة الورع والإجتهاد كائنا من كان.
إذا، فلماذا جوز الجلال للمقلد تقليد من شاء من دون استثناء، وفتح الباب على مصراعيه، ثم يحرم تقليد علماء أهل المذهب خصوصا والفقهاء الأربعة وعلماء أهل البيت وعلماء غيرهم من الأولين والاخرين، هذا هو معنى كلامه ظاهره وباطنه، وتابع القراءة حتى تصل إلى نهاية البحث...
كما قدمنا فقد مال الجلال مع الدليل الذي نر فيه وقدره فحكم بحرمة الإلتزام والتمذهب بمذهب معين، وأوجب التقليد إذن فقد كلف الجلال المقلد بما لايطيق، كيف يصلي المقلد ؟
الجواب: يصلي المقلد على حسب اجتهاد الجلال كل صلاة على مذهب مجتهد، فيلزم المقلد إذن أن يعرف ما يدخل تحت قدرته من مذاهب علماء الأمة المجتهدين فيصلي كل فريضة على مذهب، فإذا استكمل العمل بتلك المذاهب فكيف يعمل ؟ هل يعيد الكرة ويبدأ بما بدأ به أولا ويختم كذلك ؟ أم أنه يجب عليه التعرف على مذاهب أخرى لكي يسلم من التمذهب الذي حرمه الجلال، هذه أسئلة هامة من المفروض أن الجلال قد وضع لها حلولا.
صفحة ٢