روايات ونسخ الجامع الصحيح
الناشر
دار إمام الدعوة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ
مكان النشر
الرياض
تصانيف
روايات ونسخ الجامع الصحيح
للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
١٩٤-٢٥٦هـ
دراسة وتحليل
د. محمد بن عبد الكريم بن عبيد
أستاذ السنة النبوية وعلومها المشارك بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
صفحة غير معروفة
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يُعد اختلاف روايات كتاب «الجامع الصحيح» للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت٢٥٦هـ) أحد المسائل العلمية التي شغلت بال المحدثين منذ وقت مبكر، وقد أشار إلى هذا الأمر الإمام الحافظ أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي البُستي، المتوفى سنة (٣٨٨هـ) في كتابه «أعلام الحديث» الذي يعد أول شرح للجامع الصحيح، إلى اختلاف الروايات، فقال: وقد سمعنا معظم هذا الكتاب من رواية إبراهيم بن مَعْقِل النَّسَفِيِّ، حدثناه خلف بن محمد الخيَّام، قال: حدثنا إبراهيم بن مَعْقِلٍ، عنه.
سمعنا سائر الكتاب إلا أحاديث من آخره من طريق: محمد بن يوسف الفَرَبْريِّ، حدَّثنيه محمد بن خالد بن الحسن، قال: حدَّثنا الفَرَبْريِّ، عنه.
ونحن نبين مواضع اختلاف الرواية في تلك الأحاديث إذا انتهينا إليها إن شاء الله (١) .
_________
(١) . أعلام الحديث ١/١٠٥-١٠٦.
1 / 5
وقد صنف الإمام الحافظ الناقد أبو علي الحسين بن محمد الغسانيُّ الجَيَّاني (ت٤٩٨هـ)، كتابه الشهير «تقييد المهمل وتمييز المُشْكل»، وجعل الجزء الخامس والسادس منه «التنبيه على الأوهام الواقعة في الصحيحين من قِبَل الرُّواة» «قسم البخاري»، ثم اختصره الإمام جمال الدين يوسف بن عبد الهادي (ت٩٠٩هـ) في كتابه «الاختلاف بين رواة البخاري عن الفربري، وروايات عن إبراهيم بن مَعْقِلٍ النْسفي»، وكذا تطرقت معظم كتب الفهارس، والبرامج، والكثير من معاجم الشيوخ والمشيخات والفهارس إلى روايات البخاري المختلفة، وروت تلك الروايات، وبيّن أصحابها طرقهم إلى تلك الروايات، وتحدثت كتب التراجم وتواريخ الرجال، وكتب الطبقات المختلفة، وكتب الجرح والتعديل عن رواة البخاري، وقدمت لنا معطيات ليست بالقليلة عن أبعاد هذه الروايات ومدى عناية أصحابها بمروياتهم تلك عن الإمام البخاري، وكذا اعتنت كتب التراجم بالتعريف برواة السنن والمسانيد خاصة فقد صنّف الإمام أبو بكر محمد بن عبد الغني البغدادي الحنبلي المعروف بابن نُقْطَةَ (ت٦٢٩هـ)، كتابه: «التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد» وألفَ الإمام محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد ابن رُشَيد الفهريُّ السبتيُّ الأندلسي (ت٧٢٦هـ)، كتاب «إفادة النصيح في التعريف بسند الجامع الصحيح»، وكتب الإمام تقي الدين أبو الطيب محمد ابن أحمد الفاسي المكي (ت٨٣٢هـ) كتاب «ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد»، وهكذا فإن الحديث عن روايات ورواة «الجامع الصحيح» للبخاري، وغيره من المصنفات الحديثية المهمة لن ينقطع ما تعاقب الليل والنهار. . . وهذا يشير إلى أهمية الموضوع وشرفه الكبير.
1 / 6
وقد أبدى الإمام الحافظ احمد بن عليِّ بن حجر العسقلانيُّ (ت٨٥٢هـ)، نشاطًا عظيمًا وفهمًا ثاقبًا دقيقًا في بيان اختلاف روايات البخاري، وبذل مجهودًا صادقًا في هذا الصدد، وأماط اللثام عن معظم المستعصيات التي لم تجد حلًا لدى الكثير من شُراح «الجامع الصحيح»، والتي كان سببها اختلاف الروايات، واستطاع بما وهبهُ الله من علم وذكاء ومهارة فائقتين ثم بوقوفه على كثير من نسخ الصحيح توظيف اختلاف الروايات لصالح «الجامع الصحيح» .
وبحثنا هذا حاول تفسير ظاهرة اختلاف الروايات لصحيح البخاري، ودراسة أسبابها، وبيان دواعيها، والوقوف على العوامل المشتركة بينها، وكيفية الاستفادة منها، إضافة إلى التعريف برواة «الجامع الصحيح»، وأشهر نسخه.
ويمكنني أن ألخص أهم عناصر البحث بالنقاط الآتية:
المقدمة: تحدثت فيها عن أهمية الموضوع، ومدى عناية المحدثين، والنقاد به، وأشهر المصنفات التي يمكن الرجوع إليها لمعرفة اختلاف روايات البخاري.
الباب الأول: الإمام البخاري وعنايته بمصنفاته، واشتمل على فصلين:
الفصل الأول: التعريف بالإمام الحافظ أبي عبد الله البخاري وتَحدَّث باقتضاب عن الإمام أبي عبد الله البخاري، وذكر بعض أقوال العلماء فيه، ثم محنته ووفاته، وذلك كمدخل موجز بين يدي البحث.
الفصل الثاني: عناية الإمام البخاري بـ «الجامع الصحيح» ومصنفاته الأخرى.
1 / 7
الباب الثاني: روايات الجامع الصحيح، ونسخه، واشتمل على فصلين:
الفصل الأول: روايات الجامع الصحيح للإمام البخاري.
الفصل الثاني: أشهر طبعات صحيح البخاري ونسخه المخطوطة.
الباب الثالث: الاختلاف في روايات الجامع الصحيح، وتوجيهات الإمامين أبي عليّ الجياني، وابن حجر رحمهما الله، واشتمل على فصلين:
الفصل الأول: أنواع الاختلاف في روايات الجامع الصحيح.
الفصل الثاني: أهمية توجيهات الإمامين أبي عليّ الجياني وابن حجر رحمهما الله.
وأخيرًا نتائج البحث وتوصياته العلمية.
والله الكريم أسال التوفيق والسداد، وأن يمنَّ عليَّ بالعون بمنه وكرمه، وأن يهديني لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأن يكون هذا البحث قد ألقى الضوء على اختلاف روايات «الجامع الصحيح ونسخه»، وأن ينفع بهذه السطور دنيا وآخرة، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، إنه خير مسؤول، وأعظم مأمول، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 / 8
الباب الأول: الإمام البخاري وعنايته بمصنفاته
الفصل الأول: التعريف بالإمام الحافظ أبي عبد الله البخاري
ليس الهدف من هذه السطور محاولة صياغة ترجمة موسعه للإمام أبي عبد الله البخاري، فقد صُنفت حول هذا الإمام المصنفات المطولة منذ وقت مبكر، كما كُتب عنه العديد من الرسائل الجامعية، وإنما الغاية من هذه الترجمة إبراز المنزلة المرموقة التي كان يحتلها هذا الإمام بين الأئمة والحفاظ، كي تكون تذكرة للقارئ، ومدخلًا لبحثنا هذا.
اسمه ونسبه:
هو إمام المسلمين، وشيخ المحدثين، وأمير المؤمنين في الحديث، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة (١)، وقيل: ابن الأحنف، الجُعْفِيُّ مولاهم، أبو عبد الله ابن أبي الحسن.
وكان جدّه المغيرة مجوسيًا، ثم أسلم على يدي اليمان الجعفيّ والي بخارى، فنسب إليه ولاء.
مولده ونشأته:
كان والده أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم من العلماء الورعين،
_________
(١) . ينظر تقييد هذا الاسم في: الإكمال ١/٢٥٩، وقال: وهو بالبخارية، ومعناه بالعربية: الزراع. طبقات الشافعية الكبرى ٢/٢١٢.
1 / 9
سمع مالك بن أنس، وصافح ابن المبارك بكلتا يديه.
روى عنه أحمد بن حفص، وقال: دخلت عليه عند موته، فقال: لا أعلم في جميع مالي درهمًا من شُبهة.
قال أحمد بن حفص: فتصاغرت إليَّ نفسي عند ذلك (١) .
ولد أبو عبد الله يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ببخاري (٢)، وتوفى أبوه وهو صغير، فنشأ يتيمًا في حجر أمه.
وكان الإمام البخاري نحيفًا ليس بالطويل ولا بالقصير، وذهبت عيناه في صغره، فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل ﵇، فقال لها: يا هذه قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة بكائك، أو كثرة دعائك (٣) .
طلبه للعلم ورحلاته:
قال رحمه الله تعالى: ألهمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتَّابِ ولي عشر سنين، أو أقل، ثم خرجت من الكتَّاب بعد العشر، فجعلت اختلف إلى الداخلي وغيره، فلما طعنت في ست عشرة سنة، كنت قد حفظت كتب ابن المبارك، ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء - يعني أصحاب الرأي - ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت رجع أخي
_________
(١) . سير أعلام النبلاء ١٢/٣٩١-٣٩٢، طبقات الشافعية الكبرى ٢/٢١٣.
(٢) . مدينة في واحة كبيرة بجمهورية أزبكستان على المجرى الأسفل لنهر زرافشان، وترتفع على سطح البحر ٢٢٢.٤مترًا، وهي من أعظم مدن ما وراء النهر، بينها وبين سمرقند ثمانية أيام.
انظر: بلدان الخلافة الشرقية ٥٠٣.
(٣) . تاريخ بغداد ٢/٦، طبقات الحنابلة ٢/٢١٥-٢٥٢، تهذيب الكمال ٢٤/٤٣٨، طبقات الشافعية الكبرى ٢/٢١٦، هدي الساري ٤٧٨.
1 / 10
وتخلفت في طلب الحديث، فلما طعنت في ثماني عشرة جعلت أصنف فضائل الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وصنفت كتاب «التاريخ» إذ ذاك عند قبر رسول الله ﷺ في الليالي المقمرة، وقال: قلّ اسم في «التاريخ» إلا وله قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب (١) .
سمع ببخارى قبل أن يرتحل، ثم سمع ببلخ، وبنيسابور، وبالرَّيّ، وببغداد، وبالبصرة، وبالكوفة، وبمكة، وبالمدينة، وبمصر، وبالشام، وبواسط ... وقال: دخلتُ بلخ، فسألوني أن أُملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثًا، فأمليت ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم، وقال قبل موته بشهر: كتبت عن ألف وثمانين رجلًا، ليس فيهم إلا صاحب حديثٍ، كانوا يقولون: الإيمان قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص (٢) .
وقال: لقيت أكثر من ألف رجل من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، لقيتهم كَرّات، أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع مرات، وبالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدثي خراسان (٣) .
وحدَّتَ بالحجاز، والعراق وخراسان، وما وراء النهر.
أقوال العلماء وثناؤهم عليه:
قال البخاري رحمه الله تعالى: ما قدمت على أحد إلا كان انتفاعه بي أكثر من انتفاعي به.
_________
(١) . انظر: تاريخ بغداد ٢/٦، تهذيب الكمال ٢٤/٤٣٨، سير أعلام النبلاء ١٢/٣٩٤-٣٩٥.
(٢) . انظر: سير أعلام النبلاء ١٢/٣٩٤-٣٩٥، فتح الباري ١/٤٤.
(٣) . سير أعلام النبلاء ١٢/٤٠٧.
1 / 11
وقال أبو الأزهر: كان بسمرقند أربع مائة ممن يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيام، وأحبوا مغالطة محمد بن إسماعيل، فأدخلوا إسناد الشام في إسناد العراق، وإسناد اليمن في إسناد الحرمين، فما تعلقوا منه بسقطةٍ لا في الإسناد، ولا في المتن.
وقال رحمه الله تعالى: ما استصغرت نفسي عند أحدٍ إلا عند عليّ ابن المديني، وربما كنت أغْرِبُ عليه.
وقال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح.
وقال: إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا.
وقال مشايخ البصرة: كان لا يتقدمه أحدٌ، وكان أهل المعرفة من البصريين يَعْدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه، ويجلسوه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف، أكثرهم ممن يكتب عنه، وكان شابًا لم يخرج وجهه (١)، ولما دخل البصرة قال محمد بن بشار: دخل اليوم سيد الفقهاء، وقال: حفاظ الدنيا أربعة: أبو زرعة بالرَّيَّ، ومسلم بن الحجاج بنيسابور، وعبد الله بن عبد الرحمن الدَّارمي بسمر قند، ومحمد بن إسماعيل البخاري ببخارى.
وكان ابن صاعدٍ إذا ذكره يقول: الكبش النّطاح.
وقال محمود بن النضر الشافعي: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها فكلما جرى ذكر محمد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.
_________
(١) . تهذيب الأسماء واللغات ١/١٧٠، سير أعلام النبلاء ١٢/٤١١-٤١٥، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/٢١٧.
1 / 12
وقال عمرو بن عليّ الفلاّس: حديثٌ لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث.
وقال محمد بن سلاَّم البيكَنْدِيُّ للبخاري: انظر في كتبي، فما وجدت فيها من خطأ فاضرب عليه، فقال له أصحابه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا الذي ليس مثله.
وقال قتيبة بن سعيد: جالست الفقهاء والزهاد والعُبَّاد، فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل، وهو في زمانه كعمر في الصحابة، وقال أيضًا: لو كان محمد بن إسماعيل في الصحابة، لكان آية.
وقال رجاء بن رجاء: فَضْلُ محمد بن إسماعيل على العلماء، كفضل الرجال على النساء.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدَّرامي: قد رأيتُ العلماء بالحرمين والحجاز والشام والعراق، فما رأيت منهم أجمع من محمد بن إسماعيل، وقال: هو أعلمنا وأفقهنا وأكثرنا طلبًا.
وقال عبد الله بن سعيد بن جعفر: سمعت العلماء بمصر يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح، ثم قال عبد الله: وأنا أقول قولهم.
وقال موسى بن هارون الحافظ: عندي لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن يصيبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل لما قدروا عليه.
وقال أحمد بن حنبل: لم يجئنا من خراسان مثل محمد بن إسماعيل.
وقال له مسلم بن الحجاج: أشهد أنه ليس في الدنيا مثلك، وجاء إليه فقبله بين عينيه، وقال: دعني حتى أُقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين ويا طبيب الحديث في علله.
1 / 13
وقال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي: لم أرَ أعلم بالعلل والأسانيد من محمد بن إسماعيل البخاري.
وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري (١) .
هذا وإن ثناء الأئمة الحفاظ على الإمام البخاري يطول سرده وصنَّف الأئمة والحفاظ في سيرته ومناقبه مصنفات متنوعة، لذا اكتفيت بهذه المقتطفات من بحر فضله.
محنته ووفاته:
بعد رحلة شاقة وطويلة قضاها الإمام أبو عبد الله في الرواية والسماع، قرر أن يعود إلى بلده لتسكن نفسه، وتهدأ روحه، فلما وصل إلى بخارى نصبت له القباب على فرسخ من البلد واستقبله عامة أهلها حتى لم يبق مذكور، ونثرت عليه الدراهم والدنانير، وبقي مدَّة يُحدِّثُهم، فبعث إليه الأمير خالد بن أحمد الذهلي والى بخاري أن أحمل إليَّ كتاب «الجامع» و«التاريخ» وغيرهما لأسمع منك، فامتنع أبو عبد الله عن الحضور عنده، فراسله أن يعقد مجلسًا لأولاده لا يحضره غيرهم، فامتنع عن ذلك أيضًا، وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قومًا دون قوم، فاستعان خالد بن احمد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل العلم ببخارى عليه حتى تكلموا في مذهبه، ونفاه عن البلد، فدعا عليهم أبو عبد الله فقال: اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم، فأما خالد فلم يأت
_________
(١) . ينظر: تاريخ بغداد ٢/٤-٣٦، تهذيب الأسماء واللغات ١/٦٧، تهذيب الكمال ٢٤/٤٣١، ٤٤٥ وما بعدها، سير أعلام النبلاء ١٢/٤٠٨، وما بعدها، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/٢١٨ وما بعدها، هدي الساري ٤٨٦ وما بعدها.
1 / 14
عليه إلا أقل من شهر حتى ورد أمر الخلافة بأن ينادي عليه، فنوديَ عليه، وهو على أتان، وأشخص على أكاف، وحبس إلى أن مات، ولم يبق أحد ممن ساعده إلا ابتلي بأولاده، وأراه الله تعالى فيهم البلايا (١) .
قال البخاري: دخلت بغداد آخر ثمان مرات، كل ذلك أُجالس أحمد بن حنبل، فقال لي في آخر ما ودعته: يا أبا عبد الله، تترك العلم، وتصير إلى خراسان؟ قال البخاري: فأنا الآن أذكر قوله (٢) .
وخرج البخارى من بخارى إلى خَرتَنْكَ، على فرسخين من سمرقند.
قال عبد القدوس بن عبد الجبار السمرقندي: جاء محمد بن إسماعيل إلى خَرْنَتْكَ، وكان له بها أقرباء، فنزل عندهم، فسمعته ليلة يدعو، وقد فرغ من صلاة الليل: اللهم إنه قد ضاقت عليَّ الأرض بما رَحُبَتْ، فاقبضني إليك، فما تم الشهر حتى مات بخَرْنَتْكَ.
وقال أبو منصور غالب بن جبريل، وهو الذي نزل عليه أبو عبد الله: إنه أقام عندنا أيامًا، فمرض، واشتد به المرض حتى جاء رسولٌ إلى سمرقند في إخراج محمد، فلما وافى تهيأ للركوب، فلبس خُفَّيهِ، وتعمَّمَ، فلما مشى قدر عشرين خطوةً أو نحوها، وأنا آخذ بعضده ورجل آخذ معي يقوده إلى الدَّابة ليركبها، فقال ﵀: أرسلوني فقد ضعفت، فدعا بدعواتٍ، ثم اضطجع، فقضى ﵀، فسال منه العرق شيء لا يوصف، فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه في ثيابه
_________
(١) . انظر: تاريخ بغداد ٢/٣٤، تهذيب الكمال ٢٤/٤٦٤، ٤٦٥، ٤٦٦، سير أعلام النبلاء ١٢/٤٦٤، ٤٦٥، طبقات الشافعية الكبرى ٢/٢٣٣، هدي الساري ٤٩٤.
(٢) . تاريخ بغداد ٢/٢٢-٢٣، طبقات الحنابلة ٢/٢٥٧.
1 / 15
وكان فيما قال لنا وأوصى: أن كفنوني في ثلاثة أثواب ليس فيها قميصٌ ولا عمامة ففعلنا ذلك.
وقال الحسن بن الحسين البزاز البخاري: توفى البخاري ليلة السبت ليلة الفطر عند صلاة العشاء، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر سنة ست وخمسين ومائتين، وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشرة يومًا (١)، ﵀ وأسكنه فسيح جناته.
الفصل الثاني: عناية الإمام البُخَاريِّ بالجامع الصَّحيح ومُصنّفاته الأخرى
إن الحديث عن الأوهام الواقعة في «الجامع الصحيح» بسبب اختلاف الرواة، يجب أن لا تُعَدُّ من السلبيات التي يظن البعض إنها من المآخذ على «الجامع الصحيح» وإنما هي أمر طبيعي يعطينا فكرة عن مدى الدقة والأمانة العلمية التي كان يتميز بها المحدثون في تأليفهم للمصنفات، ومدى رعايتهم لعلم الرواية، وحرصهم على مراجعة ما يكتبونه، واستمرارهم في تنقيح ما يأخذونه عن شيوخهم، ومراجعة مصادرهم للوصول إلى أدق الروايات، وأتقنها، وهذا الأمر ليس موقوفًا على كتاب «الجامع الصحيح» فإن كتاب «الموطأ» للإمام مالك رحمه الله تعالى هو الاخر قد كثرت رواياته وتباينت بسبب مراجعته المستمرة لكتابه، وتعدد رواة «الموطأ»، وغير ذلك من المصنفات الحديثية، والتي كثرت روايتها وتعددت ... دليل واضح على المدى الذي وصل إليه المسلمون في ضبط النصوص وتوثيقها.
ولقد كانت عناية الإمام البخاري بمصنفاته كبيرة، وروى عنه أنه
_________
(١) . انظر: تاريخ بغداد ٢/٦، ٣٤، وفيات الأعيان ٤/١٩٠، طبقات الشافعية ٢/٢٣٣، سير أعلام النبلاء ١٢/٤٦٦-٤٦٨، هدي الساري ٤٩٥.
1 / 16
قال: صنفت جميع كتبي ثلاث مرات (١)، أي أنه ما زال ينقحها ويراجعها أكثر من مرة.
وقال: ما وضعت في كتاب الصحيح حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين، وعنه أنه قال: صنفت «الجامع» من ستمائة ألف حديث في ست عشرة سنة، وجعلته حجّة فيما بيني وبين الله، وقال: صنفت كتابي «الجامع» في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثًا حتى استخرت الله تعالى، وصليت ركعتين وتيقنت صحته.
قال الحافظ ابن حجر: الجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه كان يصنفه في البلاد: أنه ابتدأ تصنيفه وترتيبه وأبوابه في المسجد الحرام، ثم كان يخرج الأحاديث بعد ذلك في بلده وغيرها، ويدلّ عليه قوله: إنه أقام فيه ست عشرة سنة، فإنه لم يجاور بمكة هذه المدة كلها، وقد روى ابن عديًّ عن جماعة من المشايخ أن البخاري حوّل تراجم جامعه بين قبر النبي ﷺ ومنبره، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين.
قال الحافظ: ولا ينافي هذا أيضًا ما تقدم لأنه يحمل على أنه كتبه في المسودّة وهنا حوّله من المسودّة إلى المُبيضة (٢) .
وقال أبو جعفر العُقيلي: لما صنف البخاري كتابه «الصحيح» عرضه على ابن المديني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة (٣) .
وكان الإمام البخاري ﵀ يعقد مجالس علمية لإملاء الحديث
_________
(١) . سير أعلام النبلاء ١٢/٤٠٣، هدي الساري ٤٨٧.
(٢) . هدي الساري ٤٨٩، تغليق التعليق ٥/٤١٨.
(٣) . المصدر السابق.
1 / 17
وكتابة «الصحيح» وقد ذكر الفربري انه قد سمع منه - يعني البخاري - تسعون ألف رجل، وآخر من سمع منه ببغداد القاضي حسين المحاملي (١) .
قال ابن رُشيد: ثم تواتر الكتاب من الفربري، فتطوق به المسلمون، وانعقد الإجماع عليه (٢) .
_________
(١) . انظر تاريخ بغداد ٢/٥، سير أعلام النبلاء ١٢/٤٣٣.
(٢) . إفادة النصيح بسند الجامع الصحيح ١٩.
1 / 18
الباب الثاني: روايات الجامع الصحيح، ونسخه
الفصل الأول: روايات الجامع الصحيح للإمام البخاري (١)
لقد اهتم المحدثون بكتاب «الجامع الصحيح» للإمام البخاري، وأولوه عناية خاصة تليق بمكانته الكبيرة في نفوسهم، وقد تجلت أولى مظاهر هذا الاهتمام في كثرة المتلقين لهذا الكتاب المبارك عن مصنفه، يقول تلميذه الفربري: سمع كتاب «الصحيح» لمحمد بن إسماعيل تسعون ألف رجل، وفي رواية سبعون ألف رجل (٢) ...
ثم كانت العناية به وضبطه وفق قواعد المحدثين والحرص على تبليغه جيلًا بعد جيل، وقد تمثل ذلك في روايات هذا الكتاب.
ورواة الصحيح هم:
أولًا: المُحَدِّثُ الثِّقَةُ، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر، الفَرَبْرِيُّ (٣) .
_________
(١) . ينظر: «اختلاف الروايات وأثره في توثيق النصوص وضبطها» للدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر، بحث نشر في مجلة الدّرعية، التي تصدر بالرياض السنة الثانية، العدد الثامن شوال ١٤٢٠هـ.
(٢) . تاريخ بغداد ٢/٩، سير أعلام النبلاء ١٥٠/١١٢، التقييد ١/١٣١، معجم البلدان ٤/٢٤٦.
(٣) . ترجمته في: إفادة النِّصيح ١٠، سير أعلام النبلاء ١٥/١٠، التقييد ١/١٣١.
1 / 19
ورواة الصحيح عن الفَرَبْرِيِّ هم:
١ - الإمام المحدث أبو إسحاق، إبراهيم بن احمد بن إبراهيم بن احمد بن داود البلخي، المستمليّ (ت٣٧٦هـ) (١) .
كان سماعه للصحيح في سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
قال المستمليّ: انتسخت كتاب البخاري من أصله، كما عند ابن يوسف فرأيته لم يتم بعد، وقد بقيت عليه مواضع مبيَّضة كثيرة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئًا، ومنها أحاديث لم يترجم عليها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعضٍ.
قال الباجي: ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق، ورواية أبي محمد، ورواية أبي الهيثم، ورواية أبي زيد - وقد نسخوا من أصل واحد - فيها التقديم والتأخير، وإنما ذلك بحسب ما قدّر كل واحد منهم فيما كان في طرَّةٍ، أو رقعةٍ مضافة أنه من موضع ما فأضافه إليه، وبيان ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث (٢) .
٢ - الإمام المحدث الصدوق المسند، أبو محمد، عبد الله بن احمد بن حمُّويه بن يوسف بن أعين، الحمُّويي خطيب سرخس (ت٣٨١هـ) (٣) .
_________
(١) . ترجمته في: التقييد ١/٢٢٠، سير أعلام النبلاء ١٦/٤٩٢، إفادة النِّصيح بسند الجامع الصحيح ٢٥.
(٢) . التعديل والتجريح ١/٣١٠، وإفادة النصيح ٢٦، وقال الحافظ ابن حجر بعد إيراده هذه المقالة: قال الباجي: وإني أوردت هذا هنا لما عني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها وتكلفهم من ذلك من تعسف التأويل ما لا يسوغ.
قال الحافظ ابن حجر: وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، وهي مواضيع قليلة جدًا، هدي الساري ٨.
(٣) . ترجمته في: إفادة النصيح ٢٩، سير أعلام النبلاء ١٦/٤٩٢.
1 / 20
٣ - المحدث الثقة، أبو الهيثم، محمد بن مكي بن محمد بن مكي بن زُراع الكشميهني (ت٣٨٩هـ) (١) .
٤ - الشيخ الثقة الفاضل، أبو علي، محمد بن عمر بن شَبُّويه الشَّبويُّ، المروزيُّ (٢) .
٥ - الإمام الحافظ المجوِّد الكبير، أبو علي، سعيد بن عثمان بن سعيد ابن السِّكن المصري البزِّاز، البغدادي الأصل (ت٣٥٣هـ) (٣) .
٦ - الشيخ الإمام المفتي، القدوة الزاهد، شيخ الشافعية، أبو زيد محمد بن احمد بن عبد الله بن محمد المروزي (ت٣٧١هـ) (٤) .
٧ - الإمام أبو أحمد، محمد بن محمد بن يوسف بن مكي، الجرجاني (ت٣٧٣ أو ٣٧٤هـ) (٥) .
ثانيا: ومن رواة الصحيح، عن البخاري الإمام الحافظ الفقيه، القاضي، أبو إسحاق، إبراهيم بن مَعْقِل بن الحجاج، النسفي، قاضي نسف (ت٢٩٥هـ) (٦) .
ثالثا: الإمام المحدث الصدوق، أبو محمد، حماد بن شاكر بن سوِّية، النسفي (ت٣١١هـ) (٧) .
_________
(١) . ترجمته ومصادرها في: التقييد ١/١١٠، إفادة النصيح ٣٦، قيد: زراع: بزاي في أوله مضمومة، بعدها راء مفتوحة خفيفة، سير أعلام النبلاء ١٦/٤٩١، ورسم «زراع»، انظر ضبط الكشميهني في: الأنساب ١٠/٤٣٦، معجم البلدان ٤/٤٦٣.
(٢) . ترجمته في التقييد ١/٧٧، سير أعلام النبلاء ١٦/٤٢٣.
(٣) . ترجمته في: سير أعلام النبلاء ١٦/١١٧، تذكرة الحفاظ ٢/٩٣٧.
(٤) . ترجمته في: تاريخ بغداد ١/٣١٤، التقييد ١/٣٥، السير ١٦/٣١٣.
(٥) . ترجمته في: تاريخ جرجان ٤٢٧ (٧٦٧)، تاريخ بغداد ٣/٢٢٢، الأنساب ٣/٢٢٣، التقييد ١/١٠٢.
(٦) . ترجمته ومصادرها في: سير أعلام النبلاء ١٣/٤٩٣، الجواهر المضية ١/١١١ (٥٢) .
(٧) . ترجمته في: التقييد ١/٣١٤، سير أعلام النبلاء ١٥/٥.
1 / 21
رابعا: الشيخ المسند، أبو طلحة، منصور (١) بن محمد بن علي بن قرينة ابن سوية البزديُّ، ويقال: البزدويُّ، النسفي (ت٣١٩هـ) .
خامسا: الإمام القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي (ت٣٣٠هـ) (٢) .
رواية علماء المغرب لكتاب «الجامع الصحيح»:
لعل أشهر روايات المغاربة لـ «الجامع الصحيح» هي التي ذكرها الإمام أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة الأموي الإشبيلي (ت٥٧٥هـ)، في كتابه «الفهرست»، فقال: مصنف الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وهو «الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه» .
أما رواية أبي ذر عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الهروي الحافظ، ﵀، فحدثني بها شيخنا الخطيب أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح المقرئ ﵀، قراءةً عليه بلفظي مرارًا وسماعًا مرارًا، قال: حدثني به أبي ﵀، سماعًا من لفظه، وأبو عبد الله محمد بن احمد بن عيسى بن منظور القيسيُّ، رحمه الله تعالى، سماعاُ عليه، قالا: حدثنا بها أبو ذر عبد ابن أحمد بن محمد الهروي، سماعًا عليه، قال: محمد بن شريح: سمعته عليه في المسجد الحرام عند باب الندوة سنة ٤٠٤، وقال ابن منظور: سمعته عليه في المسجد الحرام عند باب الندوة، سنة ٤٣١، وقرئ عليه مرة ثانية وأنا أسمع والشيخ أبو ذر ينظر في أصله وأنا أصلح في كتابي هذا في المسجد الحرام عند باب
_________
(١) . ترجمته ومصادرها في: الإكمال ٧/٢٤٣، التقييد ٢/٢٥٨ (٦٠٣)، سير أعلام النبلاء ١٥/٢٧٩.
(٢) . ترجمته في: تاريخ بغداد ٢/٥ وسير أعلام النبلاء ١٥/٢٥٨.
1 / 22
الندوة، في شوال من سنة ٤٣١، قالا: وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن احمد بن حمُّويه السرخسي بهراة سنة ٣٧٣، وأبو إسحاق إبراهيم بن احمد بن إبراهيم المستملي، ببلخ سنة ٣٧٤، وأبو الهيثم محمد بن المكي بن زراع الكشميهني، بها سنة ٣٨٧، قالوا كلهم: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري الجعفي، ﵀.
وأما رواية ابن السكن فحدثني بها شيخنا أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث ﵀، قراءة مني عليه، قال: حدثني بها القاضي أبو عمر احمد بن محمد بن الحذَّاء التميمي، سماعًا عليه بقراءة أبي علي الجياني، قال: نا بها أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد الجهني، قراءة عليه سنة ٣٩٤، قال: نا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ في منزله بمصر سنة ٣٤٣، قال: نا محمد بن يوسف بن مطر بن صالح بن بشر بفربر، من ناحية بخارى، قال: نا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي البخاري سنة ٢٥٣.
وأما رواية الأصيلي، فحدثني بها الشيخ الفقيه أبو القاسم احمد بن محمد ابن بقي ﵀، قراءة مني عليه، والشيخ الفقيه أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث، ﵀، سماعًا لجملة منه، ومناولة لي لجميعه، قالا: حدثنا بها الفقيه أبو عبد الله محمد بن فرج، مولى محمد بن يحيى البكري المعروف بابن الطلاع، أما ابن بقي فقال: سمعت جميعه عليه، وأما ابن مغيث فقال: حدثنا به قراءة منه علينا لأكثر الكتاب، وإجازة لسائره، قال: سمعت جميعه على الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن عابد المعافري، في سنة ٤٢٣، بقراءة أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي سنة ٣٨٣، قال: قرأتها
1 / 23