الصاحبي في فقه اللغة
الناشر
محمد علي بيضون
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
سنة النشر
١٩٩٧م
مُحكَم. ووضعهم "فَعِيلًا" في موضع "مَفْعِل" نحو: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ ١ بمعنى مؤلم وتقول٢:
أمِنْ رَيحانَةَ الداعي السميعُ
بمعنى: مسْمِع.
ومن ذلك وضعُهم: "مفعولًا" بمعنى "فاعل" كقوله جل ثناؤه: ﴿عَذَابٌ أَلِيم﴾ ٣ أي ساترًا، وقيل: مستورًا عن العيون كأنّه أُخْذَةٌ لا يُحِسُّ بها أحد.
ومن ذلك إقامة الفعل مقام الحال كقوله جلّ ثناؤه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ ٤ أي مبتغيًا. وقال٥:
الرِّيحُ تَبكي شَجْوَهُ ... والبرقُ يَلمعُ في غمامهْ
أراد: لامعًا.
باب من النظم الذي جاء في القرآن:
من نظم كتاب الله جلّ ثناؤه الاقتصاص، وهو أن يكون كلام في سورة مقتصًا من كلام في سورة أخرى أو في السورة معها. كقوله جلّ ثناؤه: ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾ ٦ والآخرة دار ثواب لا عمل، وهو مقْتَصُّ عن قوله: ﴿وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا﴾ ٧. ومنه قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ ٨ مأخوذ من قوله
١ سورة التغابن، الآية: ٥. وسورة المجادلة، الآية: ٤. ٢ ديوان عمرو بن معد يكرب: ١٤٠، وعجزه: يؤرقني وأصحابي هجوع ٣ سورة الإسراء، الآية: ٤٥. ٤ سورة التحريم، الآية: ١. ٥ هو ابن مفرغ الحميري، ديوانه: ٢١٨. وفيه: ... تبكي شجوها ... والبرق يضحك في الغمامه ٦ سورة البقرة، الآية: ١٣٠. ٧ سورة طه، الآية: ٧٥. ٨ سورة الصافات، الآية: ٥٧.
1 / 181