الصاحبي في فقه اللغة
الناشر
محمد علي بيضون
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
سنة النشر
١٩٩٧م
وعلى هذا حمل بعض المفسرين قوله جل ثناؤه في قصة إبراهيم ﵇: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ ١: أي: أهذا ربي؟.
باب الأمر:
الأمر عند العرب ما إذا لم يفعله المأمور به سمي المأمور به عاصيًا. ويكن بلفظ "افْعلْ" و"ليفعل" نحو: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ ٢ ونحو قوله: ﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ﴾ ٣.
فأما المعاني التي يحتملها لفظ الأمر فأن يَكون أمرًا، المعنى مسألة. نحو قولك: "اللهم اغفر لي". قال:
ما مَسَّها من نَقبٍ ولا دَبَرْ ... اغْفِرْ له اللهمَّ إن كان فَجَر
ويكون أمرًا، والمعنى وعيد. نحو قوله جلّ ثناؤه: ﴿فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ٤. ومثله قوله جلّ ثناؤه: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾ ٥. ومنه قول عَبِيد٦:
حَتّى سَقيناهم بكأسٍ مُرَّةٍ ... فيها المُثمَّلُ ناقعًا فليشْرَبوا
ومن الوعيد قوله:
ارْوُوْا عليَّ وأرْضُوا بي رِحالَكُمُ ... واسُتَسْمِعوا يا بني مَيْثاءَ إنشادي
ما ظنُّكم ببني مَيْثاءَ إن رَقدوا ... ليلًا وشَدَّ عليهم حَيّةُ الوادي
وقد جاء في الحديث٧: "إذا لم تَسْتَحْيِ فاصنَعْ ما شئت" أي: إن الله جل ثناؤه مجازيك، قال الشاعر٨:
١ سورة الأنعام، الآية: ٧٧. ٢ سورة الأنعام، الآية: ٧٢. ٣ سورة المائدة، الآية: ٥٠. ٤ سورة النحل، الآية: ٥٥. ٥ سورة فصلت، الآية: ٤٠. ٦ هو عبيد بن الأبرص، والبيت ليس في ديوانه. ٧ رواه البخاري: أنبياء: ٥٤، أدب: ٧٨، وأبو داود: أدب: ٦، وابن ماجه: زهد ١٧، والموطأ: سفر ٤٦، وأحمد: ٤/ ١٣١. ٨ ديوان أبي تمام: ٤٩٧.
1 / 138