الصاحبي في فقه اللغة
الناشر
محمد علي بيضون
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
سنة النشر
١٩٩٧م
كما قالوا: "لِمْ قلتَ ذاك؟" ومعناهُ: "لم" و"لما قلت" قال١:
فأنا الأسْوَدُ لِمْ أسْلَمْتَنِي ... لِهُمُوم طارِقَاتِ وَذِكَرْ
وقيل لبعض العرب: "مذ كم قعد فلان؟ " فقال: "كَمْذ أخذتَ في حديثك"، فزيادةُ الكاف في "مُذْ" دليل على أن الكاف في "كم" زائدة.
وعابّ الزَّجَّاجُ على الفَرَّاء قوله في "كم"، وقال: لو كان في الأصل "كما" وأسقطت ألف الاستفهام لُتِركتْ على فتحها، كما تقول: "بمَ" و"عم" و"فيم أنت".
والجوابُ عمّا قاله ما ذكره أبو زكريّاء وهو كثرة الاستعمال وحجته ما ذكره في "لم".
كيف:
سأل عن حال، تقول: "كيف أنت؟" أي: بأيّ حال أنتَ؟ وقال بعض أهل اللغة: لها ثلاثة أوجُه:
أحدها سؤال محض عن حال، تقول: "كَيْفَ زيدُ؟".
والوجه الآخر حالٌ لا سؤال معه، كقولك: "لأكْرِمَنّك كيف كنتَ" أي: على أيّ حال كنت.
والوجه الثالث "كيف" بمعنى التعجب، وعلى هذين الوجهين يُفَسَّر قوله: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ ٢ قالوا: معناها "على أيّ حال قَدَّر" وتعجيب أيضًا. ومن التعجيب قوله جلّ ثناؤه: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ ٣.
وقد يكون "كيف" بمعنى النفي. قال٤:
كيف يَرْجونَ سِقاطِي بعدما ... لاحَ في الرَّأس مَشِيبٌ وَصَلَعْ
ومنه قوله جلّ ثناؤه: ﴿كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾ ٥ و﴿كَيْفَ
_________
١ الإنصاف: ١/ ٢١١ بلا عزو، وفيه: يا أبا الأسْوَدُ.
٢ سورة المدثر، الآية: ١٩.
٣ سورة البقرة، الآية: ٢٨.
٤ ديوان سويد بن أبي كاهل: ٣٢.
٥ سورة التوبة، الآية: ٨.
1 / 115