الصاحبي في فقه اللغة
الناشر
محمد علي بيضون
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤١٨هـ
سنة النشر
١٩٩٧م
أو تكون حالًا، وتقوم مقامها لا تقول: "فعلت ذلك غير خائف منك أي لا خائفًا منك".
في:
زعموا أن "في" للتضمُّن، تقول: "المال في الكِيس" و"الماء في الجَرَّة". ويقولون: إنها تكون بمعنى على في قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ ١.
وإنها تكون بمعنى مع في قوله جلّ ثناؤه: ﴿فِي تِسْعِ آَيَاتٍ﴾ ٢.
وكان بعضهم يقول: إنما قال: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾، لأن الجذع للمصلوب بمنزلة القبر للمقبور فلذلك جاز أن يقال فيه هذا. وأنشدوا٣:
هُمُ صلبوا العَبْديَّ في جِذْع نخلة ... فلا عَطسَتْ شيبَانُ إلاَّ بأجدعا
قَدْ:
"قَدْ" جواب لمتوقَّع، وهي نقيضُ "ما" التي للنفي، وليس من الوجه الابتداء بها إلا أن تكون جوابًا للمتوقع، وقوله ﷿: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ على هذا المعنى، لأن القوم توقعوا علمَ حالهم عندَ الله تبارك اسمه فقيل لهم: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ٤ والحقيقةُ ما ذكرناه.
كم:
موضوعة للكثير في مقابلة "رُبَّ" تقول: "كم رجل لقيت".
وتكون استفهامًا، تقول: "كم مالُكَ؟".
وقال الفَرَّاء: نُرى أن قول العرب "كم مالك؟" أنها "ما" وُصِلتْ من أولها بكاف، ثم إن الكلام كثر بِـ"كم" حتى حُذِفَت الألف من آخرها وسكّنت ميمها،
_________
١ سورة طه، الآية: ٧١.
٢ سورة النمل، الآية: ١٢.
٣ المقتضب: ٢/ ٣١٩، بلا عزو، وينسب إلى سويد بن أبي كاهل كما في ملحق ديوانه: ٥٤. والأجدع: السجين أو الأقطع أو الشيطان.
٤ سورة المؤمنون: الآية: ١.
1 / 114