استسلمت للزمان طوعا
إذا قسا صرفه تلين
تشتاق في عزها ذويها
وحصنها دونهم حصين
حتام هذي القيود تبقى
يا رب قد كلت المتون
كلما أومض بأفق الغرب بارق هاج منا شجونا. وكلما سرت من نحوه نسمة، أذكت في أفئدتنا غراما. يا رب. ما تلك المحاسن التي يرنو الحليم إليها صبابة؟ كل النفوس لها نوازع. كل الآمال عليها عواكف. نناديها فنستلفتها، ثم نبتهل فنستعطفها، ثم ندعوها فنستجلبها. فإذا أمكنتنا من نواصيها وسلس بأيدينا قيادها؛ أذلنا مصوناتها وشوهنا محاسنها ومسخناها مسخا.
بالأمس كنا ننادي: يا حرية يا حرية. يا فتنة الشعوب وعدوة المستبدين، ومرتع الآمال ومسرح النفوس، وشفاء الصدور وحياة الممالك. فلما استجابت دعاءنا وأقبلت برضائها علينا، تجاذبنا غدائرها وتنازعنا حليها ووصلنا القيود التي فكتها عن سواعدنا لنشد بها سواعدها.
قرأت في طنين خبرا ما وددت أن أقرأه ولي ما تشرق عليه الشمس. فليستمع عبدة الحرية وليبكوا كما بكيت. وما بكت عيني فدمعي في الحوادث غال. ولكن بكى فؤادي ودمعه متواصل الجريان.
بالأناطولي قضاء اسمه «دوزجه»، به رجل يدعى الحاج إسحق! كان في دولة الاستبداد موظفا في إدارة الحراج بذاك القضاء. وكان لهذا الرجل جارية اسمها ملك، أنفذها رشوة إلى بعض الأكابر بالأستانة. فلما أعلن الدستور رجعت إلى بلدها، فطلبها إسحق ورفع أمرها إلى المحكمة الشرعية هناك، فقضت له بأخذ الجارية ولم يجد دفاعها عن نفسها فتيلا. وحين أعيتها الحيل فرت مختفية تريد الأستانة لترفع بها ظلامتها إلى الحكومة. فأرسلت حكومة «دوزجه» رسالة برقية في طلبها، فقبضوا عليها في «آطه بازار» واسترجعوها صاغرة إلى من ينازعها حريتها. وقد غلب الخوف أختها حتى قضت فزعا.
صفحة غير معروفة