وحث سليمان فيضي في جريدته على التعليم، وطالب بمجانيته وبخاصة التعليم الصناعي، وكتب في ذلك سلسلة مقالات إصلاحية داعيا إلى العمل والنهوض حول «معنى الإيقاظ» اسم الجريدة، ودافع عن نشر اللغة العربية في الدواوين ومعاهد التعليم، وحلى بعض الأعداد بصور كاريكاتورية، ولكنها بدائية من حيث فن التصوير.
يقول صاحبها في «مذكراته»: إنه أوقفها في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1910 بسبب سفره إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، مع أن الجريدة لقيت رواجا في داخل البلاد العراقية، وكان لها مشتركون في إمارات الخليج والحجاز والهند وسنغافورة.
جريدة التهذيب
وهنالك جريدة بصرية أخرى هي «التهذيب» أنشأها محمد أمين عالي باش أعيان، سياسية علمية أدبية أخلاقية، تنشر مرة في الأسبوع باللغتين العربية والتركية، برز عددها الأول في 1 حزيران (يونيو) سنة 1909. وقد كتبت مقالات افتتاحية عدة في تشجيع تعليم المرأة وتهذيبها، وطالبت بتعريق شركة الملاحة الإنكليزية «لنج»، كما ألحت على وجوب تأليف مجلس الإدارة لولاية البصرة، وحث القوم على التبرع للأسطول العثماني.
وكان إنشاؤها ركيكا، وكثير من افتتاحياتها مقتبسة من صحف مصر والشام. وقد عطلها صاحبها في شهر آزار (مارس) سنة 1910.
جريدة الدستور
ومن الصحف جليلة الخطر في البصرة جريدة «الدستور» التي أسسها أولا عبد الله الزهير في 22 كانون الثاني (يناير) سنة 1912، فلما أصبح عضوا في مجلس النواب العثماني انتقل امتيازها إلى عبد الوهاب الطباطبائي فنفخ فيها روحا جديدا، وتضافر على الكتابة فيها نخبة من أدباء الثغر، منهم أخواه عبد المحسن وعبد العزيز الطباطبائي وإسماعيل السامرائي، وكانت لسان الحزب المعارض. وقد جلب لها الحزب مطبعة من أوروبا مما لم يفعله حزب سياسي آخر في عراقنا، وغدت دار الجريدة ندوة لأحرار الكتاب والسياسيين من البصريين، أو من كان يهرب إلى البصرة من البغداديين فرارا من إرهاق الحكومة وضغطها.
ولما عطلت «الدستور» صدرت باسم «صدى الدستور»، وبقيت مثابرة على خدمة النهضة الفكرية، ومن مقالاتها الرنانة التي كتبها أحد محرريها سليمان فيضي صاحب جريدة «الإيقاظ» التي تحدثنا عنها بعنوان: «الجاسوسية في عهد الحرية» وقد هزت السلطة هزا، وكان لكتاباتها تأثير عميق في الرأي العام، وبقيت تنشر إلى احتلال البريطانيين البصرة في كانون الأول (ديسمبر) سنة 1914.
لما زار الشيخ محمد النبهاني البصرة وتفقد أحوالها قال عن الصحافة فيها:
أنشئ في البصرة بعد إعلان الدستور العثماني نحو إحدى عشرة جريدة أرقاها «المنير» ثم «آتي» ثم «التهذيب» ثم «الفيحاء».
صفحة غير معروفة