جريدة الإيقاظ
ولم يقتصر الجهاد الصحفي على بغداد في تلك الأيام، بل شاركتها بعض الحواضر منها البصرة، فأول صحيفة أهلية فيها جريدة «الإيقاظ» التي أصدرها المحامي سليمان فيضي الموصلي في 2 أيار (مايو) سنة 1909، وهي جريدة أدبية إخبارية وطنية كما كتب عليها: تنشر مرة في الأسبوع بأربع صفحات بالعربية والتركية. وكان مديرها المسئول ومحرر القسم التركي فيها مكتوبي زاده عمر فوزي المحامي.
كتبت في العدد الأول بعنوان «سبب النشر وبيان المسلك» كلمة جاء فيها:
حيث إن البصرة دون سائر البلاد العثمانية خالية من جريدة تحرك همم ساكنيها وتنشر جميل ذكرها، غير جريدة الولاية «بصرة»، وهي لانشغالها بالأمور الرسمية لا تلتفت إلى شيء من ذلك، بادرنا لإصدار جريدة عربية أسبوعية معنونة باسم «الإيقاظ» تفاؤلا بإيقاظها الوطن من غفلة رقاده وإنهاضا له من حضيض وهاده.
وقد التزمنا من أن يكون مسلك جريدتنا هذه نصرة المظلوم والأخذ بيد المحروم ونشر أعمال المحسنين، وشهرة أفعال المسيئين والحفظ لحقوق الوطن وأبنائه والمبادرة إلى كل ما يعود بترقيته وإعلائه، سالكين في كل ذلك منهج الحق باذلين الجهد في توخي الصدق، قابلين لنشر المقالات الواردة إلى محل إدارتنا من داخل الولاية، أو خارجها سياسية كانت أو أدبية أو فكاهية، بشرط أن تكون خالية من الدسائس النفسانية والأغراض الشخصية ... إلخ.
وقد قال في العدد البكر بعنوان «البدء بالمشروع» بعد الديباجة والدعاء:
فهي جريدة أدبية إخبارية وطنية، ولا يخفى وجه التسمية الإيقاظ على من له في العربية أدنى إلمام، بل هو بقرب مأخذه موضوع على طرف الثمام ... إلخ.
ملاحظة : كثيرا ما كان يستخدم الصحفيون في العهد التركي عبارة «وطنية» تمييزا لجرائدهم من الصحف الموالية للحكومة، وانتقلت هذه العدوى إلى بعض الصحف التي صدرت بعد الاحتلال البريطاني، وإلا فهل الصحف الأخرى «خائنة» حتى تنعت هذه بالوطنية بلسان الجريدة نفسها.
وطبيعي أن هذه الجريدة رغما عن مبدأها الحر، كانت تسبح بحمد السلطان وتذيع أخبار الحزب الحاكم، واهتمت بالأخلاق العامة والآداب الإسلامية، ودققت في نشر أخبار إقليم البصرة.
ومن فنون الكتابة فيها حوار قصير بعنوان «مصاحبة» - وهو اصطلاح تركي - يتناول بالنقد والتنبيه أمورا اجتماعية أو نواقص في الدوائر الرسمية. وقد هاجمت جريدة «إقدام» التركية في الآستانة لطعنها في «العنصر العربي».
صفحة غير معروفة